سليمان بن صالح المطرودي
كثيرًا ما نسمع ونردد (العمل الجماعي) أو (العمل بفريق واحد) أو (العمل بروح الفريق) وغيرها من العبارات الدالة على التعاون والتكاتف للقيام بالأعمال وسرعة إنجازها، وهذا النوع من الأعمال هو أحد القيم في الإدارة الناجحة.
ديننا الإسلامي الحنيف، يدعو ويحظ على العمل الجماعي، لما فيه من قوة وبركة، ولأن الاجتماع قوة، والفرقة ضعف وهوان، قال تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}، وقال نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا، وشبك بين أصابعه).
العمل بروح الفريق الواحد يجسد مبدأ التعاون بين أفراد المجموعة أو المنظومة الواحدة، ونجاح وتميز أي منظمة أو إخفاقها وتراجعها، يعود لمدى التعاون والترابط والتكاتف بين أفرادها، وبين الموظفين ورؤسائهم، وبين أقسامها وإداراتها والقيادات فيها، من عدمه.
والقائد الناجح هو من يستطيع تكوين فريق عمل ناجح، قائم على (الثقة المتبادلة، والانسجام، والالتزام بما يوكل إليه من مهام، والقدرة على تحمل المسؤولية، ووضوح الهدف) ويعمل القائد ضمن الفريق، ليكون مُشعل يُقتدى به داخل الفريق، ويبث فيهم روح المحبة والتعاون والتكامل والتفاعل الإيجابي، ويعزز الإيجابيات لدى كل واحد منهم، ويئد السلبيات قبل بزوغها، ويزرع فيهم روح المبادرة، ويحثهم على التنافس الشريف الذي يقودهم للتميز والإبداع.
فمتى كان قائد الفريق قادرًا على التواصل، قادرًا على دقة التفويض، وذو كفاءة للتعرف على قدرات أعضاء الفريق، وقادرًا على استخلاص الأفكار الإبداعية التي تدعم الفريق في تحقيق أهدافه، وقادرًا على دعم الفريق بما يساهم في إنجاز مهامه، وقادرًا على خلق الفرص الجديدة، وغيرها من القدرات التي يجب أن يتحلى بها قائد الفريق، ليكون قادرًا على خلق بيئة إيجابية ومحفزة للفريق، وجاذبة لأعضاء متميزين للعمل ضمن الفريق، كان الفريق وقائده من الناجحين المبدعين.
والمنظمة الناجحة هي التي تخلق بيئة عمل متفاعلة ومتعاونة ومتحابة ومترابطة، وتلبي احتياجات منسوبيها المادية والإدارية والصحية والاجتماعية والمعنوية، وتتواصل معهم وتغرس فيهم الحب والولاء للمنظمة، الذي يقودهم للعمل بروح الفريق الواحد، وللنجاح والتحلي بالجد والإخلاص والتفاني والإتقان والانضباط بالسلوك المتميز الراقي.
العمل بروح الفريق يحقق الأهداف بنسبة كبيرة، وجودة عالية، ويختصر الوقت، ويوفر الجهد، ويقلص النفقات، ويحافظ على الطاقات من الهدر، ويحل المشكلات، ويقضي على التكرار والازدواجية في العمل، ويخلق التوازن في الأداء، ويساهم في تبادل المعارف والخبرات، وتنمية المهارات والقدرات والاستفادة منها بشكل إيجابي.
والعكس بالعكس، فلن يكون هناك فريق يعمل بروح الفريق الواحد في بيئة عمل سيئة، وقائد فاشل وسلبي، وأعضاء تسودهم القطيعة والتنافر والأناة، وغير ذلك من السلبيات التي تنتهي بالفرقة والفشل وعدم تحقيق الأهداف والإنجازات.
النجاح لا يقوم على الأفراد؛ فالمنظمة التي تروم تحقيق أهدافها، وتسجيل إنجازات عظيمة، وتحلم أن تتربع على عرش القمة، وتصل للمعالي والمجد، وتصنع لها سمعة براقة، وسجلاً ذهبيًا، فلن تجد ذلك إلا بصناعة فرق العمل التي تعمل بروح الفريق الواحد؛ لتحقق من خلال تلك الفرق أهدافًا فريدة، ومشاركات فاعلة، ونجاحًا دائمًا، وعملاً متميزًا.
ولنعلم أن الإدارة بقيمة روح الفريق الواحد، أسلوب من الأساليب الإدارية الحديثة، التي تؤدي للتميز والنجاح وتحقيق الأهداف؛ حيث أنها تقوم على التعاون والرضاء الوظيفي، والجودة، والشفافية، والثقة والأمان، والشمولية والتنوع، والإبداع والابتكار، والمسؤولية الاجتماعية، والعديد من المرتكزات التي تاجها النجاح.