فقدنا بالأمس رجلاً فذاً من أعيان ووجهاء محافظة الزلفي والتى كان لها منزلة رفيعة فى وجدانه وكيانه، أحبها منذ صغره وتفانى فى العمل من أجل رقيها ونمائها وتطورها وخدمتها، وكان يسر ويبتهج إذا ما حل طرياها، عرفته منذ أمد بعيد.. عرف بالعفاف والكفاف والصد عن أعراض الناس، دائماً ما يلتزم الصمت وفى خلقه الجم فضيلة.. ولعله كان يتمثل الحديث الشريف (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)، ويضاف إلى جملة محاسنه تركه آفة المراء والجدال فلا تجد فى مجلسه إلا فضيلة الصمت ما لم يكن في الحديث فائدة تعود على جليسه بالنفع والخير، والفائدة لذا لا تسمع في مجلسه الغيبة والنميمة أو أن يذكر أحداً بسوء فى حال غيبته وهذا هو حال ديوان (مجلس الفالح) الكرام منذ عهدتهم وأنا على ذلك من الشاهدين حيث جالستهم فى مجلسهم العامر والمفتوح زمناً طويلاً في حياة أخيهم النقى التقى الشيخ سعود الناصر الفالح رحمه الله، واخوانه محمد، وعبدالله رحمه الله، وعبدالرحمن، وأحمد، وكان المجلس على بساطته وعدم تكلفه عنواناً للسمت وبروز شكر النعمة بكل تجلياتهاالمحمودة، إذ لم يزدهم الخير إلا حمداً وشكراً وتواضعاً ورفعة، فلا تسمع وأنت بينهم إلا لساناً
ً ذاكراً، وحواراً هادئاً، ورأياً صائباً، وفوائد جمة ذات مغزى وعبرة، وعظة، وهدفاً.. هذا هو حال مجلس الفالح الكرام الذين هم مثال ناطق للفضيلة بكل سموها، حيث لا تشعر فيه إلا أنه يسعك ويسع الجميع وشعاره.. الوقار.. والبساطة والسماحة، ومنذ عرفتهم جميعاً هم.. هم.. لم تغيرهم المادة، ولا تداعياتها، أو المظاهر وزخارفها.. ولم أسمع يوماً جلست فيه بينهم عن لغة التجارة أو المال، أو الشركة، أو البيع أو الشراء.. إذ إن ذلك كله ينتهى بمكاتبهم.. فهم مثال حقيقي للإخوة الصادقة أسأل الله لنا ولهم الثبات على ذلك النهج، ورحم الله الشيخ أبا ناصر الذي انتقل إلى جوار ربه تاركاً الذكر الحسن.. والسيرة العطرة، فقد عرفته متفانياً لمسقط رأسه ورأس آبائه وأجداده الزلفى والتى أحبها وأخلص لها وتفانى فى خدمتها وتعلق بها إلى حد الصبابة، وكان لا ينفك عن طرياها والحديث عنها، ويأنس بما وصلت إليه من تقدم ورقى، وكان مع إخوانه ومنذ وقت مبكر داعماً ومشاركاً في كل مناسباتها ومشاريعها التنموية ومنها على سبيل المثال لا الحصر مشاركته مع إخوانه في جائزة الفالح للتفوق العلمي والتي شجعت أبناء وبنات الزلفي على التفوق كما أن له يداً طولى في مشاريع الخير في الزلفي وغيرها فهو داعم للمشاريع الخيرية في المحافظة وغيرها.. من بناء المساجد.. ودور تحفيظ القرآن الكريم.. وداعم لكل المناسبة والمناشط الوطنية.. وداعم للبيئة ومشاريعها.. وله بذل سخي مع إخوته الكرام وبعض أعيان المحافظة في استصلاح روضة السبلة من خلال التبرع لردم الأخاديد.. وإنشاء المصدات.. لإبقاء مياه الأمطار وتوزيعها داخل الروضة.. فجزاه الله خيراً عن كل ما قدم إذا له في كل مجال يداً باذلة.. أسأل الله أن يكون ما قدّمه في موازين أعماله.. وأن يكون له ستراً عن النار.. وأن يبنى له بيتاً في الجنة.. غفر الله لأبي ناصر وأنزله الفردوس الأعلى من الجنة.. وجعل ما أصابه كفارة له.. ودعائي لعقبه بالصلاح والتوفيق وأن يحتذوا نهج والدهم بالبر والإحسان وصلة الرحم.. وختاماً أعزي نفسي.. وكافة أسرة الفالح الكرام على هذا المصاب وأدعوا الله أن يربط على قلوب أبنائه وبناته.. ويثبتهم، وأن يجمعنا وإياه ووالدينا في جنات النعيم.. وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين.
** **
- فهد بن عبدالعزيز الكليب