زفرات حَرَّى على أخي الصديق العتيق الأديب أحمد بن إبراهيم الحربي، وقد وافاه الأجل يوم الاثنين 27-5-1442هـ. غفر الله له، ورحمه، وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة، وجبر أهله ومحبيه بخير.
ما لنا غير ذا الطريقِ طريقُ
أيها الراحلُ الصديقُ الصدوقُ
يا خليلي أبا أُسَامَ وها قَدْ
أسْفَرَ الصبحُ واسْتَتَبَّ الشروقُ
واسْتَوَتْ قامةُ الحقيقةِ حَقًّا
وانتهى بالمُحَدِّقِ التحديقُ
الضبابُ انجلى وفي كل يومٍ
حُلُمٌ ينقضي وساجٍ يفيقُ
وسُرى الراحلين كالفجر يدنو
وسُدى الغُفْلِ مَزَّقَتْهُ البروقُ
يا لحُزْنِيْ يَهُزُّ روحي وروحي
جَهِدَتْ في احتمالِ ما لا تطيقُ
كلُّ يومٍ يُسَلُّ مِنّيَ عِرْقٌ
وسيأتي يومٌ وما لي عُروقُ
يا خليلِيْ أبا أسامةَ بُشْرَى?
لكَ بالخير، مأملٌ موثوقُ
وستغشاك رحمة الله، حتمًا
بحمَى رَبِّهِ يلوذُ الغريقُ
كنتَ رمزَ اصطبارنا ومثالًا
لرؤانا تجيشُ حين تروقُ
وتنامى إخاكَ في كل قلبٍ
فهو بالحب مفعمٌ وعميقُ
لكَ في هذه النفوسِ صروحٌ
شادَها الحبُّ واحتواها السموقُ
فإذا ضاق عن خصالك لَحْدٌ
فشغاف القلوب ليست تضيقُ
ولنا فيكَ يا رفيقُ مثالٌ
للوفا أنت نِعْمَ نِعْمَ الرفيقُ
وعلى وحشةِ الطريقِ عَرَفْنا
فيك لطفًا كما النسيمُ الرقيقُ
مُلْهِمًا كنتَ يا حبيبُ، لهذا
خضِلَتْ أعينٌ وغَصَّتْ حلوقُ
ولنا في مواكب الموت درسٌ
ليس يبلى وفيه معنى دقيقُ
في سباقٍ مع الأمانيْ المنايا
والمنايا على الأمانيْ سَبُوقُ
** **
- أحمد بن يحيى البهكلي