أثبتت المملكة العربية السعودية ومن خلال سياستها الخارجية الثابتة تألق مسار دبلوماسيتها التي باتت جلية للعالم في تحقيق الأمن والسلم الدوليين في منطقة جغرافية تشهد بالتوترات والقلاقل والحروب. حضورها الدبلوماسي المتألق يستمد من ثقلها السياسي والاقتصادي والأمني والعسكري على الصعيد الإقليمي والدولي، وموقعها الجغرافي الإستراتيجي، وتكتسب مكانة روحية ومحبة في قلوب مليار ونصف المليار مسلم؛ لأن فيها قبلة المسلمين مكة المكرمة والمدينة المنورة. ولاحظنا بروز تألق مسار دبلوماسيتها على الصعيد الخليجي والعربي والدولي بالأدلة الملموسة، وهي كتالي:
على الصعيد الخليجي شهدنا مؤخراً القمة الخليجية في العلا بالمملكة العربية السعودية ولمسنا تسارع وتيرة المصالحة، بين قطر وجيرانها الخليجيين، بعد ما يقارب الأربع السنوات من المقاطعة وطي صفحة الخلافات وإعادة العلاقات كاملة مع قطر ودول المقاطعة، ولَمّ شمل دول مجلس التعاون الخليجي.
وعلى الصعيد العربي حملت المملكة على عاتقها باعتبارها قوة إقليمية عربية وإسلامية مسؤوليات التعاون الدولي لإحلال السلام في الشرق الأوسط عبر تبني استعادة الشعب الفلسطيني لأرضه وفقاً لاتفاقية السلام العربية، وبذلت جهودها للحفاظ على وحدة الأراضي اليمنية، وتساند الحكومة الشرعية اليمنية بتشكيل الحكومة الجديدة وتسمية أعضائها لبلوغ الحل السياسي وإنهاء الأزمة اليمنية، بعد تنفيذ الأطراف اليمنية ممثلة بالحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي (اتفاق الرياض)، بشقيه العسكري والسياسي. بجانب جهودها في تسوية الأزمة السورية وفق قرار مجلس الأمن رقم 2241. ودعم العراق لاستعادة دوره، وتعمل أيضاً على بلورة موقف عربي موحد تجاه الحل السياسي في ليبيا.
وعلى الصعيد الدولي فقد استضافت المملكة قمة العشرين التي لعبت رئاستها دوراً ريادياً في تعزيز وتطوير خطة إستراتيجية للتعامل مع الكثير من القضايا المهمة الدولية، التي كان أبرزها قيادة وتنسيق جدول أعمال مجموعة العشرين والجهود الدولية لمكافحة جائحة فيروس كورونا المستجد، بما يكفل توفير السبل اللازمة لحماية الأرواح وسبل المعيشة والحفاظ على الاقتصاد العالمي. وتقديم مبلغ خمسمئة مليون دولار لدعم جهود مكافحة الجائحة، وتعزيز التأهب والاستجابة للحالات الطارئة، وأنها مستمرة في الدفع بجهود الاستجابة الدولية للتعامل مع الجائحة ومعالجة آثارها.
تلعب رئاسة المملكة العربية السعودية دوراً ريادياً في تعزيز تطوير خطة إستراتيجية للتعامل مع التغير المناخي، وهو أحد أشد القضايا إلحاحًا التي تواجه العالم في الوقت الحاضر، ولمسنا ذلك مؤخراً بتقديم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- مدينة «ذا لاين» التي وصفها بأنها «مدينة مليونية بطول 170 كلم تحافظ على 95 % من الطبيعة في نيوم». الذي وصفه بأنه سيكون ثورة حضرية للإنسان، تضع الإنسان أولاً، وفق رؤية 2030.
وعلى صعيد مكافحة الإرهاب فالمملكة لها دور ريادي في هذا المجال حيث أسهمت بفعالية في اللقاءات الإقليمية والدولية التي تبحث موضوع مكافحة الإرهاب وتجريم الأعمال الإرهابية أو دعمها وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية التي تطبقها المملكة والتي تخضع لأشد العقوبات.
وعلى الجانب الإنساني تعد المملكة أكثر الدول المانحة في مجال المساعدات الإنسانية والتنموية، ولم تميز المملكة أحدًا في هذه الجهود على أسس سياسية أو عرقية أو دينية. كما إن المساعدات التي قدمتها المملكة بلغت أكثر من 86 مليون دولار استفادت منها 81 دولة.
وكلنا يتذكر خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي خاطب العالم ولخص كل الأحداث بشكل واضح وصريح ودعا إلى التعايش والسلام والاعتدال وتكاتف الدول والشعوب في مواجهة التحديات المشتركة.
ولا شك أن الحراك الدبلوماسي السعودي النشط الذي أعطى تألقاً واضحًا وفريدًا من نوعه عبر وزير خارجيتها الأمير فيصل بن فرحان منذ توليه دفة وزارة الخارجية الذي ينشط دبلوماسياً في كل الاتجاهات، تزامناً مع الظروف الحساسة والدقيقة التي تمر بها المنطقة، وذلك في سبيل إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة وتعزيز التضامن العربي وتقوية السلم العالمي، ورفع مستوى تعزيز العلاقات الدولية مع الدول الشقيقة، والصديقة.
ختاماً كل هذه الأدلة تشير إلى نجاح الدبلوماسية السعودية وتألقت في كسب احترامها لدى المجتمع الدولي بعدالة وسمو مواقفها، التي تتماشى مع الشرعية الدولية، وقوانين المجتمع الدولي الداعمة للسلم والأمن الدوليين، وتبني علاقتها وفق سياستها الراسخة جسور التواصل مع الدول والشعوب والثقافات في شتى أرجاء العالم. فإن نشاط مسار دبلوماسيتها على الصعيد الإقليمي والدولي وزيادة أهمية الوزن الاقتصادي والسياسي لها، زادت تألق وأهمية دور دبلوماسيتها.