فهد بن جليد
أبطال أفلام السينما الأبيض والأسود يُصوِّرون أفضل وأهم مشَاهد ومقاطع أفلامهم وأغانيهم خلف (مقود) السيارة، الفنان يحرك (الدريكسون) يميناً وشمالاً وهي متوقفة، بينما النجمة بجواره تغني، على اعتبار أنَّ الجمهور سيشعر بأنَّ السيارة تتحرك أو قد يعمد بعض فريق الإنتاج لتحريك السيارة حتى تهتز وتمنح المشاهد هذا الشعور، اليوم ومع اختلاف المعطيات لا يحلو لكثير من السنابيين والسنابيات إلا الحديث والتصوير داخل السيارة.
شخصياً لا أثق في سلامة الرأي الذي يتم طرحه خلف (مقود السيارة)، أشعر أنَّ كثيراً من الآراء الشاطحة صورها أصحابها هناك، وكأنَّ لدينا أزمة من الحديث في المنزل أو المجلس وأمام الآخرين، لاحظ أنَّ مُعظم هؤلاء المشاهير الذين يتحفوننا بآرائهم داخل السيارات، يصوِّرون كافة تفاصيل حياتهم -بلا خجل- أمام الناس وربما صوَّروا كل الناس المحيطين بهم أيضاً، أن لا تفيض القريحة إلا في السيارة والمشهور لوحده ظاهرة تستحق البحث والتتبع، لمعرفة أسباب الخجل من المواجهة الواقعية للمجتمع والتي قد ترتبط بنفسية المشهور، أو بأسرار ما يقول.
حدثتكم سابقاً كيف أنَّ كورونا سمح للتلفزيونات اعتماد خروج الضيوف عبر برامج مثل (سكايب) وغيره، لخروج الضيف بالصوت والصورة مباشرة على الهواء، وهو ما أظهر لنا شريحة جديدة من المُحللين داخل سياراتهم أيضاً، وكيف أنَّ المُحلِّل قد يتوقف على الرصيف ليُشارك في برنامج حواري، ويدلي بدلوه وهو خلف مقود سيارته، الفكرة آخذة في التنامي شيئاً فشيئا وتستحق الطرق والتأمل، فهل الحياة باتت أكثر بساطة؟ أم أنَّ أمانة الكلمة باتت سهلة وبلا أهمية، لتطرح دون تحضير أو استعداد أو حتى احترام للمُشاهد من المُحلِّلين الجُدد خلف (دريكسونات) سياراتهم؟.
وعلى دروب الخير نلتقي.