يوسف بن محمد العتيق
لم ولن أخرج عن جادة الصواب -بحول الله- إذا قلتُ إن أكثر المسالك وعورة في ميدان الكتابة في مجتمعنا المحلي هو الكتابة عن تاريخ المدن وسكانها؛ فالكتابة في الثقافة والأدب فيها اختلاف في وجهات النظر، ومثل ذلك الكتابة في المسائل الشرعية، بل السياسية والاقتصادية.. فالاختلاف في هذه الجوانب طبيعي وموجود.
لكن عند الحديث عن المدن وسكانها من ناحية تاريخية وعمرانية لهذه المدن يكون الكاتب والمؤلف وكأنه يسير في حقل ألغام؛ كل همه الخروج من هذا الحقل بالسلامة.
الكتابة في تاريخ المدن وسكانها تلامس الناس في جوانب حساسة مرتبطة بنظرتهم إلى أنفسهم وإلى غيرهم.
ومن يكتب في هذا المجال ربما لا ينتظر الشكر بقدر ما ينتظر عدم وجود نقد عليه إن صح التعبير.
أكثر الملحوظات التي تأتي إلى الكاتب في هذا المجال:
لماذا ذكر فلانًا ولم يذكر فلانًا؟ ولماذا قال إن آل فلان هم من أسس هذه المدينة أو هم أقدم من سكنها، وتناسى آل فلان؟
ولماذا لم يذكر مواقع ومزارع آل فلان في حين ذكر غيرهم؟
ولماذا رفع فلانًا على فلان في السلم الاجتماعي؟ ولماذا لم يذكر تسلسل الإمارة بدقة وتناسى فلانًا؟ وما هي وثيقته أو مصدره في الموضوع الفلاني؟...
عشرات بل مئات الأسئلة تحاصر كل من كتب في البلدان.
ومع هذا وذاك يجب أن لا تكون هذه الجوانب عقبات أمام مَن سيكتب في تاريخ الوطن وبلدانه، بل لا بد من الكتابة والتجرد والبحث عن الصدق والمصداقية، ومحاولة الوصول إلى المعلومة الأكثر توثيقًا مهما كانت ردة فعل الآخرين قاسية.
أقول هذا الكلام وبين يدي كتاب (عودة سدير.. الإنسان والمكان) الذي ألّفه معالي الشيخ عبدالرحمن أبو حيمد عن مسقط رأسه مدينة عودة سدير؛ فهو في هذا الكتاب سار في حقل الألغام، وجعل عنوان كتابه متضمنًا أهم جانبَين يشغلان بال متابعي كتب تاريخ المدن، وهما (الإنسان والمكان في عودة سدير).
اطلعتُ على هذا الكتاب الواقع في قرابة المائتي صفحة، ولفت نظري أن هذين الجانبين محل تركيز واهتمام كبير من أبي أحمد، بل ربما إنهما هما العمود الفقري للكتاب؛ لذا كان الكتاب مسترسلاً في ذكر التفاصيل لأهالي العودة، وبالأسماء، وبالتفصيل الدقيق؛ حتى يضمن أن كل ذي حق أخذ حقه.
ومن عرف مؤلف الكتاب على المستوى الشخصي عرف أنه يقف على مسافة واحدة من جميع أهالي بلدته الكريمة، وعرف أنه سيجتاز هذا الاختبار بنجاح، وهو كذلك بحول الله.
ومن باب الطرافة أن من يؤلف مثل هذه الكتب عن المدن في الغالب يقال له أكثر من ملحوظة أتت على الكتاب، وليس أكثر من إشادة.
أخيرًا: دعواتي لكم بقراءة ممتعة مع هذا الكتاب، وكل كتاب يتحدث عن بلادنا الغالية (المملكة العربية السعودية).