منال الحصيني
في ذات نهار وعندما تلاشى ضباب الصباح الذي يخيم على عناقيد العنب الأرجوانية اللون، وعلى حين عزفت في الخارج نسمات باردة منذرة بالمطر.
وفي منتصف نهاره توردت الوجوه من البهجة ولاذت بالفرح والابتهال، مستبشرة بقدوم الوليد، كعذوبة حلم يسيل أملاً، يتجلى المستقبل على ضوئه في صورة خلابة لم يحلم بها أحد.. أخذ الألباب بجماله كألماسة في كوم من الهشيم يشع منها النور.. حنت الأم على صغيرها وكأنما خُلقت خلقاً جديداً، إنك ثمرة حبي ودعائي.
مضت الأيام مترقرقة بالسعد والإقبال، تطلعت إليه الأعين.. فلا غرابة حينما تجتمع براءة الطفولة وحدة الذكاء، مضت الأيام وحلَّت تغيرات حاسمة مثل تغيرات الفصول الأربعة وسلم الجميع بقضاء المقادير.
رسم لمستقبله صورة محدودة، متنوعة، مضمونة.. ارتطم بأمواج الحياة، لم تثنه عن إكمال حلمه الوردي.. انطوى على أحلامه متسربلاً بالوحدة والكبرياء.
ها قد لاح نور حلمه يضيء حياته ويشعل للآخرين شموع الأمل .. فكم من قلوب أحرقها الحسد، وأخرى أصابها الانبهار، وقلوب ثملت بآمال مجهولة.
ماذا بعد؟
فمصير الحي إلى أصله ولابد من الرجوع ذات يوم
وقف منشغل البال شارد اللب فيما يفكر يا ترى؟
حمل نفسه إلى ذات المكان إلى حيث عناقيد العنب وشجر الرمان، حنين إلى ذلك المكان..
حينما ضاق بأسراره ذات ليلة وكان الوقت صيفاً، وطاب له الجلوس في مكان غير مسقوف والسماء متبرجة بما لا يحصى من نجومها، فهل يفضي إليها بحلمه؟
مضى إلى حيث شجرة الرمان ممسكاً بثمرها، فقد غص في حزنه حتى قمة هامته، غشيته كآبة ثقيلة ممتدة، سرعان ما ابتسم ابتسامة غامضة متمتماً بعدها هل نسيت عاشق الرمان ها قد أتى يشم عطر الزمان ورائحة المكان.