عبده الأسمري
درس في مدرسة الملك سلمان الفكرية والمعرفية والإنسانية تلميذاً نجيباً ووطنياً باراً.. فاستقى منه عمق الحكمة وانتهل منه حكمة التدبير، فقد كان داعمه وملهمه وموجّهه، وممكّنه من المساهمة في تخطيط وتنمية مدينة الرياض وفق رؤية ومنهج ومنهجية أميرها سلمان بن عبد العزيز، الذي تحولت الرياض على يد الملك سلمان لتكون سيّدة المدن، وعاصمة الإنجاز، وحاضرة العزّ، وموئل الاعتزاز لتكون «الرقم الصحيح» في معادلة الرقي، و»الناتج الأصح» في منظومة الارتقاء بمكانة الإنسان وقيمة المكان ومقام العمران.
استطاع ابن عيَّاف المساهمة في تحويل التخطيط إلى «علم إنساني»، والعمران إلى «حاضرٍ اجتماعي»، والهندسة إلى «معرفة تنموية»؛ فأينعت أفكاره وجاءت نتائجها وسط رؤيةٍ ثاقبةٍ ودعم دائم مستديم من ملك البلاد حين كان أمير المنطقة التي تحتضن العاصمة، فكان شاهد العيان الأول على العناوين وصاحب الرأي الأمثل في التفاصيل، وذلك بعض سرّ نجاحه ومنطلق كفاحه.
قادمٌ من عمق «النّبْل» إلى «أفق» الفعل.. متيّمٌ بالطُّموح في منهجية «التخطيط وبراعة «التنفيذ».
إنه سمو أمين منطقة الرياض الأسبق، الأمير الدكتور عبد العزيز بن محمد بن عيَّاف؛ القيادي المكين، والإداري البارز في منظومة قيادات العمل البلدي وصناع التنمية وصانعي المبادرات والإنجازات.
بوجهٍ أميريٍّ هادئ الملامح، جادّ المطامح، تقاسيمه تحمل الود والجد والطيبة والهيبة في آن واحد.. يتشابه في ذلك مع والده وأعمامه، ويتكامل مع أخواله.. محيًا أنيقٌ عامر بالبهاء.. وشخصية جدية العمل، ندية التعامل مشمولة بالنبل والفضل، ومشفوعة بالفكر والأداء.. وصوت مملوء بعبارات التدبير ممتلئ باعتبارات التفكير.. تتوارد منه لغةٌ مهذَّبة ولهجةٌ محببة، وتسمو فيه معاني «القيادة « وتعلو أصول «الرّيادة.
قضى ابن عيَّاف من عمره أكثر من خمسة عشر عاماً، وهو يشارك في تأسيس «أركان» النماء وتأصيل «أعمدة» التميز في أمانة منطقة الرياض، ويساهم في رسم ملاحم «التميز» في ميادين التخطيط والجامعات والمؤسسات الخيرية والاجتماعية. وأجاد حين أوكل إليه حينها الأمير الوفي سلمان بن عبد العزيز (الملك حالياً) مهمة تأسيس جامعة الأمير سلطان كأول جامعة أهلية غير ربحية في المملكة، وتم التأسيس في زمنٍ قياسيٍّ وبمستوى عالمي يليق بطموح صاحب الفكرة سلمان بن عبد العزيز في تكريم من يستحق التكريم، الأمير سلطان بن عبد العزيز -رحمه الله-.
يمثّل ابن عيَّاف وجهاً أصيلاً للأثر ورقماً ثابتاً للتأثير في مسيرةٍ تكلَّلت بالنتاج وسيرةٍ تجلَّلت بالإنتاج.. بلغة الأرقام وبلوغ الأهداف.. في الرياض منبع النبلاء ونبع الفضلاء ولد عام 1378هـ، وتفتحت عيناه على والدٍ كريم وأمٍّ عظيمة.. أهدياه «ملامح» التوجيه و»لمحات» الوجاهة، وأسديا إليه «نصائح» السداد و»لوائح» الرشاد.. فنشأ مباركاً بالتربية مبروكاً بالتنشئة.. منجذباً إلى «سجايا» المعروف في «ثنايا» عائلته و»عطايا» أسرته.. وأتمَّ الله عليه بالغ فضله في زوجة صالحة ومربية فاضلة لأبنائه وبناته، الذين ميَّزهم «التفوق» وحالفهم «التوفيق».. وفي ظاهرة «نادرة» وسابغةٍ «آسرة» حذا أبناؤه حذوه، فكانوا علامات إبداعٍ علمي وعملي في مجالات العمران.
ركض ابن عيَّاف مع أقرانه في أحياء الرياض القديمة، مشفوعاً بأماني الطفولة وآمال الرجولة التي حشد لها مهاراته، فكان «خبير» علمه و»سفير» مهنته.. طرح المبادرات بتميّزٍ وسعى بلا كللٍ لتحقيقها أمام أبصار الناظرين وأنظار المراقبين.
أنهى ابن عيَّاف تعليمه العام بدءاً بمدارس التربية النموذجية مروراً بمدارس الأبناء وانتهاءً باليمامة الثانوية، والتي التحق بعدها بجامعة الملك سعود ونال بكالوريوس الهندسة المعمارية عام 1401هـ (1981م)، ثم حصل على شهادة الماجستير في العمارة من جامعة بنسيلفانيا، فيلاديلفيا بأمريكا عام 1405هـ (1985م) وماجستير أخرى في التخطيط العمراني عام 1407هـ (1987م)، ثم أكمل الرحلة بدكتوراه في التخطيط العمراني كانت رسالته فيها عن المركزية واللامركزية في إدارة المدن من ذات الجامعة عام 1412هـ (1992م).
عمل ابن عيَّاف مهندساً معماريّاً ومخطّطاً عمرانياً في الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، ومعيداً بكلية الهندسة ثم أستاذاً مساعداً بكلية العمارة والتخطيط، ثم رئيساً لقسم التخطيط العمرانيّ بذات الكليّة في جامعة الملك سعود حتى عام 1418هـ (1997 م).
ثم دعته الثقة الملكية بتعيينه أميناً لمدينة الرياض حتى عام 1433هـ (2012 م)، كانت له فيها فرصةٌ تاريخية للعمل تحت إمرة وتوجيهات وقرب أمير منطقة الرياض سلمان بن عبد العزيز.
تم تكريم ابن عيَّاف بوسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى عام 1420هـ (2000 م)، ونال جائزة أفضل أمين مدينة عربية عام 1430هـ (2009م)، وحصل على عددٍ من الجوائز من السعودية وخارجها.
صدر له كتاب البعد الإنساني في العمل البلدي - الرياض أنموذجاً عام 1436هـ (2015م) وكتاب الإدارة المحلية والقطاع البلدي التحديات والفرص الضائعة عام 1442هـ، (2020م).. وكتب العديد من المقالات المتخصصّة.
أكمل ابن عيَّاف «المسيرة» التنموية.. بمتون «التطوير» وشؤون «التطور» من أعماق «البدايات» إلى آفاق «المستقبل» واضعاً «الإنسان» مهمةً أولى والمكان همَّةً مُثلى لتتباهى «العاصمة « الأشهر عالميّاً بردائها «الأخضر» المطرز بعقود «التتويج»، وتتماهى في صداها «الأنضر» معلنة الحضور سيّدةً للمدن وعروساً للمدائن.
اقترن ابن عيَّاف بيقينٍ ذاتيٍّ وتيقُّنٍ مهنيٍّ جعله في سباق مع «بعد نظرٍ» شخصيٍّ سابق فيه «عقارب» الساعة وتجاوز من خلاله «توقُّعات» المرحلة.. محقّقاً ما استطاع رؤية معلمه وملهمه سلمان بن عبد العزيز لحبيبته «الرياض»، حيث تُوّجت المدينة الحالمة لتصل إلى منصات «العالمية».. شعارها حزم الإدارة ومرونة التعامل وتعزيز جوانب الأنسنة.
ما زالت الهمة عالية، والثّقة فيه بالغة.. فبجانب عمله رئيساً وعضواً لعدة مجالس تأسيسية وإدارية وهيئات ومشاريع وطنية وخيرية وتطويرية، يشغل الآن منصب رئيس مجلس إدارة جمعية الملك سلمان للإسكان الخيري ورئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان ويشارك في مجالس تأسيسية وإدارية لعدة مشاريع وطنيةٍ كبرى.
الأمير عبد العزيز بن عيَّاف صاحب المعالي، ورفيق العلا الذي ساهم في نثر «عبير» الابتكار ونشر «تسطير» الاقتدار في «رياض» العطاء والسخاء.. بأيادٍ بيضاء صافحت «المجد» وعاهدت «الجد» وأتمت «حلف» اليمين في «أمانة» تحولت إلى منهج «نزاهة».. ونهج «براعة».