منصور جابي المتعب الرويلي
البيت الشهير
حزم الجلاميد عينت عربان
والا عينت رجل(ن) تجره نعامة
يبدو أنه ضارباً في القدم، فإلى هذه اللحظة لم تقع أيدينا على القصة الحقيقية لهذا البيت ولا الزمن الذي قيلت فيه وكل ما هو متوارث من كبار السن في قبيلة الروله وعنزة عامة والذين ما فتئوا يترددون على هذه المناطق منذ القدم هي اجتهادات، حيث يقول أحد كبار السن والذي تجاوز تسعين عاماً -رحمه الله - إنه سمع بهذا البيت منذ نعومة أظفاره وكان ذووه يقولون حينها إنه بيت قديم جداً.
وذهب آخر إلى القول إن هذا البيت قيل قبل 200 عام في مناطق حول حزم الجلاميد كانت مرتعاً للنعام وسُميت عدد من المناطق القريبة من الحزم بأسماء ارتبطت بالنعام مثل «زملة النعام» و»مقر النعام» نظراً لكثرة النعام فيها.
وذكر لنا آخر أن القصة هي لأحد الفرسان قديماً حينما اصطاد نعامة وربطها بيده تعبيراً عن قوته ولكن النعامة انطلقت وسحبته معها لمكان غير معلوم ويُقال إن أحد إخوته قال هذا البيت حين البحث عنه بالقرب من حزم الجلاميد، حيث سار البيت مع الركبان ليومنا هذا.
حزم الجلاميد عينت عربان
والا عينت رجل(ن) تجره نعامه
كما ذكر أحد الفرسان السابقين في المنطقة يمتدح فيها «ذلوله» ويشبهها بالنعام، حيث قال:
أمه نعامة واضربوها بعيري
وجا مغلطاني على خف وجناح
أما المستشرق البريطاني ويليام جيفورد حينما زار منطقة وادي السرحان شمال المملكة في عام 1862 م فقال: «شاهدنا في هذه المنطقة قطيعاً كبيراً من النعام» وأضاف أن بدو الشرارات كانوا يصطادون النعام. وأورد الراوي المعروف منديل الفهيد في كتابه (من آدابنا الشعبية) أن النعام كان موجوداً بكثرة في شمال الجزيرة عام 1335هـ وبدأ بالانقراض بعد هذا التاريخ.
الشاهد من من هذه القصص أن منطقتنا الشمالية كانت مرتعاً للنعام قديماً والدليل ارتباط عدد من المناطق باسم النعام مثل (زملة النعام) و(مقر النعام) وغيرهما.. مع العلم بأن كبار السن حالياً لم يشاهدوه..
والسؤال الذي يتبادر إلى أذهاننا الآن هو:
أين النعام؟ هل هاجر النعام؟ أم انتشرت شائعة قديماً أنه علاج لأحد الأمراض فحدثت له مجزرة تاريخية كالتي تحدث حالياً للضب والغزال وحتى الضبع؟ أم أن الرواية الأقرب للصواب أنه يأتي مهاجراً من إفريقيا براً وحينما تم حفر قناة السويس توقفت هجرته وبدأ بالتلاشي؟
عموماً بعد هذا السرد التاريخي للنعام وموطنه في حماد طريف والشواهد التي ذكرناها، هل سنرى الهيئة السعودية للحياة الفطرية تطرح فكرة توطين النعام بالتعاون مع شركة معادن، وهي الشركة الرائدة في تطوير المجتمع المحلي في منطقة الحدود الشمالية كريادتها بصناعة الفوسفات على مستوى العالم وعودة النعام لموطنه الأصلي وهو «زملة النعام» و«مقر النعام»؟.