سلمان بن محمد العُمري
لقد عني الإسلام بالصحة عناية فائقة، وهو دين النظافة الذي يحث على الرعاية الصحية ومكافحة المرض، وعناية الإسلام بالصحة لم تكن أقل من عنايته بالعلم، فهو دين مرتبط بالواقع والفطرة، والصحة مرتبطة بسائر شؤون حياة الإنسان ومصالحة فلا علم ولا تعليم إلا بالصحة، ولا اكتساب للمال إلا بالصحة، ولا عمل إلا بالصحة، ولا جهاد إلا بالصحة، فالصحة ركيزة الحياة ورأس مال الإنسان وأساس من أسس خيره وسعادته، فالصحة رأس مال الإنسان الذي لولاه لما استطاع القيام بالأعمال اليومية والأنشطة المختلفة.
إن الصحة الجيدة ركن من أركان الحياة الطيبة، ولذا فقد عني الإسلام بها في مناحي كثيرة، ومن مظاهر هذه العناية أي عناية الإسلام بالصحة في الوضوء المكرر للصلاة، ففيه عناية بأطراف الإنسان التي تتعرَّض لعوامل الجو، وبحواسه التي تحتاج إلى نظافة دائمة، والإسلام دين النظافة يحث على الرعاية الصحية ومكافحة المرض، يحذِّر من ترك أواني الطعام والشراب مكشوفة فيقول: (أغلقوا الباب وأوكوا السقاء واكفئوا الإناء واطفئوا المصباح، فإن الشيطان لا يفتح غلقاً، ولا يكشف إناء)، وإذا كانت الوقاية خير من العلاج فقد أمر بالعديد من الأعمال الوقائية الاحترازية التي تكون سبباً -بإذن الله - في الوقاية من الأمراض.
ومن يتتبع الإرشادات النبوية يجدها واضحة جلية في العلاج والوقاية والتحصين ضد الأمراض التي جاء فيها الأمر صريحاً بالتداوي، وجاء التحذير فيها من العدوى، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم في البخاري ومسلم أنه قال: «لا يورد ممرض على مصح»، من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، وجاء الأمر بعزل المريض عن الأصحاء عند انتشار الوباء، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الطعون: فإذا سمعتم بالأرض فلا تدخل عليه فإذا وقع في أرض فلا تخرج فراراً منها والحديث يقرَّر ما يُسمى بالحجر الصحي أو العزل عند انتشار الوباء، وثبت أن التحصين الوقائي في العصر الحاضر من أهم وسائل في وقاية البشر من الإصابة بكثير من الأمراض الفتَّاكة وسبب في القضاء على عدد من الأوبئة الخطيرة، وهو أيضاً من تسخير الله جلَّ وعلا للناس، وهذا من عظيم رحمته، كما بيَّن أن التحصين يجوز في الإسلام ولا ينافي التوكل إذا اعتمد الإنسان على الله، وعلم أن كل شيء يجري بتقدير الله ومشيئته، وأن التحصين لا يؤثِّر بنفسه إلا بقضاء الله، ومن تعليمات الإسلام وما فيه من حرص على النظافة والطهارة وصحة البيئة ما جاء في النهي عن قضاء الحاجة من بول أو غيره في الماء الذي يستعمله الناس في وضوئهم واغتسالهم، وسائر شؤونهم ونهاهم عن قضاء الحاجة في الطريق أو الظل، أو موارد المياه، بل حذَّر منها نبي الأمة ورسول الرحمة فقال: (اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل).
كما أن هناك اهتماماً بالغذاء باعتباره العنصر الفعَّال في نمو الجسم وقوته، والطاقة المحركة التي تمكنه من أداء وظيفته، فأحلَّ الله كل طيب من طعام وشراب، ونهى عن المحرمات من المشروبات والمأكولات لما فيها من أضرار بالإنسان.
هذه نماذج يسيرة من عناية الإسلام بالصحة، وبهذه الإرشادات العظيمة جاء الإسلام قرآناً وسنة للمحافظة على الصحة والوقاية من الأمراض، ولا يزال الطب يكتشف يوماً بعد يوم الآثار الإيجابية والنتائج الباهرة لهذه القواعد الصحية الربانية، ومع انتشار فيروس كورونا، والرعب والقلق الذي أصاب العالم أجمع رأينا ما في ديننا العظيم من سعة وشمول لجميع مناحي الحياة كافة، وفيما يتناوله من قضايا ومشكلات لأنه يستند إلى الوحيين الكتاب والسنة، فما نادى به الأطباء والمختصون من الوقاية والنظافة والاحتراز والعمل بالأسباب كلها قد وردت في تعاليم ديننا الحنيف.
أسأل الله أن يحفظ البلاد والعباد من كل سوء ومكروه.