د.شامان حامد
في وقت ينشغل فيه العالم بنتائج اللقاحات لعله يأخذ أنفاسه بعد ماراثون دام لعام كامل، بعدما ضرب فيروس كورونا المستجد كل مفاصل الحياة تقريباً، ليمخر ملك الفيروسات خلايا أجزاء الجسد وفق دراسة جامعة ستانفورد في ولاية كاليفورنيا الأمريكية في بداية دخوله المجاري التنفسية، بمجرى الهواء العلوي في بداية العدوى، الذي قد يكون كفيلاً بعكس مسار المرض بشكل جذري، إذ يقوم الفيروس على اقتحام الخلايا البشرية من خلال الاقتران ببروتين على سطحها اسمه «ACE2» وهو ما أعطى المجال للبحث بطرق طبية مختلفة للتعامل مع الوباء ومحاصرته في مرحلة مبكرة من العدوى الأمر، حيث قارنت الدراسة مستويات البروتين في خلايا الرئتين والكلى والخصيتين والأمعاء، بمثيلاتها الموجودة في خلايا مجاري الهواء العلوية والسُفلية، ليجد الباحثون المستويات الأعلى لبروتين ACE2 في الأهداب المبطنة للمجاري الهوائية، والتي تتكون من نتوءات دقيقة ومرنة، تعمل على إبقاء مجرى الهواء نظيفًا من أي جُزيئات دخيلة عليه، مما يجعل الأولوية لإيجاد طُرق لتعزيز إيقاع ضرب حركة الأهداب من أجل زيادة تدفق المخاط والمساعدة على تحييد الفيروس.
ولعلها نيران صديقة.. تُهاجم أجسام المرضى نفسها، في ظاهرة مقلقة لوجود هذا الكم المبالغ فيه للأجسام المضادة لـ»كوفيد - 19» رغم أنها تلعب دوراً عكسياً، قد تقوم بمشكلات صحية معقدة وطويلة الأمد بعد التغلب على الفيروس، حسبما وجد باحثو جامعة «يل» الأمريكية أطلقوا عليها اسم «كوفيد الطويل»، كون المصابين تتكون لديهم «أجسام مضادة شاذة» أوقفت المعارك مع الفيروس وقضت على خلايا مناعية مفيدة وهاجمت أعضاء الجسم، من الدماغ إلى الكبد والأوعية الدموية والجهاز الهضمي... كل ذلك تطرق إليه المؤتمر العربي الـ19 وأساليب إدارة المستشفيات الحديثة بعنوان «النظم الصحية العربية في مواجهة الجوائح والأزمات: أزمة فيروس كورونا COVID -19 نموذجاً»، الذي عقدته المنظمة العربية للتنمية الإدارية، بمشاركة نخبة من الخبراء والمتخصصين في مجال الإدارة والرعاية الصحية بعدة دول عربية من بينها المملكة العربية السعودية، الحاصلة على أكبر نسبة أبحاث علمية مُشاركة لكورونا، وتوثيق تجارب الدول العربية في مكافحته للاستفادة منها في مواجهة أي جائحة بالمستقبل، وضرورة تبني مفهوم الدور المتوازن للإعلام في تعزيز الوعي الصحي وتعريف المواطنين بجميع إجراءات الوقاية، وتغيير السلوكيات الاجتماعية، مع ضرورة تطبيق مفهوم التوجه الحكومي الشامل (Whole Government Approaches) وعدم الاقتصار على دور وزارات الصحة فقط، وما يُحسبُ للمؤتمر العمل على دراسة إنشاء مركز أو مرصد عربي لمراقبة ورصد الأوبئة، مع إطلاق مبادرة عربية لتأهيل القيادات الصحية العربية وبناء القدرات للموارد البشرية في مجال إدارة الأزمات الصحية.
ولعل النجاح هنا مُكلل بما حققه كل مواطن صالح بالتعاضد مع دولته، جنباً إلى جنب خط الدفاع الأولى من منسوبي الصحة كافة، أحد أهم المحركات الأساسية للنجاة من تلك الأزمة كونهم نقطة انطلاق وتحول كُبرى في إنجازاتنا ليزداد احترام العالم لمملكتنا العزيزة، بما تحقق على أياديهم وأيدي حكومتنا الرشيدة، -حفظها الله-.