د. عبدالرحمن الشلاش
هناك من يرتبط بعلاقات صداقة متينة مع زملاء العمل، قد يكون هذا الأمر طبيعياً لدى البعض، لكنه ليس كذلك لدى كثيرين. هل تؤثِّر علاقات الصداقة المتينة بين الموظفين حتى خارج نطاق العمل وهل تؤثِّر سلبياً فتطغى المجاملات والمحسوبيات وتكثر التنازلات، حيث يلبي كل موظف لصديقه ما يطلبه منه وفي المقابل يرد الآخر الدين له من مبدأ المعاملة بالمثل وهذا صديقي وزميلي في العمل ولا يمكنني أن أرد له أي طلب؟
أم سيكون التأثير إيجابياً، حيث يتعاضد ويتكاتف الزملاء لتنفيذ العمل وفق النظام واللوائح مع عدم السماح لأي تجاوزات قد تصل إلى أن يستغل أحد الصديقين مثلاً الآخر لدرجة أن يكلّفه للقيام بأعماله بالنيابة عنه والتوسط له إذا كان على علاقة جيدة بالرؤساء في العمل للحصول على خارج دوام أو ترقية أو إجازة أو توظيف أحد أقاربه أو الشفاعة له أو لغيره عند حدوث خطأ أو ارتكاب مخالفات.
التكاتف الإيجابي لمنع المخالفات قد يحصل بين من لديهم وعي كبير وحرص شديد على مصلحة العمل وهؤلاء ربما عددهم محدود، فواقع بيئات العمل ينضح بكثير من المخالفات وممارسة المهام السلبية بسبب الصداقات التي تصل إلى خارج حدود العمل وبالتالي تؤثِّر في كثير من القرارات وتحول علاقات العمل إلى علاقة مصالح مشتركة وشد لي وأقطع لك، وبما يؤدي في الغالب إلى انتشار أشكال الفساد الإداري، ما يعني أن نكتفي بالزمالة دون أن تصل لصداقة متينة تمتد جذورها لخارج نطاق العمل.
قد تكون الصداقة مضرّة أكثر حين تكون بين الرئيس أو المدير وأحد موظفيه، وهذه الصداقة تصل جذورها للعمق بلا شك هنا سيكون الموظف في إحدى حالتين، فإما ستؤدي إلى أن يحصل الموظف الصديق من رئيسه على كل ما يريد وينال الحظوة الكاملة وبالتالي يقدِّم لرئيسه كل ما يريد وفي هذه الحالة إضرار جسيم بالعمل، وتفرقة بين الموظفين ومقدِّمة لنشوء الأحزاب والتطاحن داخل نطاق العمل، بين حزب المدير وصديقه والحزب المعارض!
الحالة الثانية أن يستغل الرئيس أو المدير الوضع لصالحه فيحول صديقه الموظف إلى كبش فداء ليثبت لموظفيه أنه عادل ولا يمكن أن يجامل حتى صديقه المقرَّب إلى قلبه! وفي هذه الحالة سيقع الظلم على الصديق وقد تتحول العلاقة إلى عداوة بمرور الزمن.
شخصياً أميل إلى أن لا تمتد العلاقة داخل نطاق العمل إلى خارجه، وأن يكتفي الموظف بزمالة الجميع في إطار من الاحترام والتقدير، أما الصداقة فتكون مع آخرين خارج المناخ التنظيمي، ولعل ذلك في نظري من العوامل التي تساعد على النجاح والبعد عن المجاملات المضرّة والتي تؤدي دائماً إلى الفشل.