خالد بن حمد المالك
الاختلاف يحدث في البيت الواحد، بين أفراد الأسرة الواحدة، قد يطول هذا الاختلاف، وقد يَقْصُر، وربما كانت له تداعيات، بغير ما قُدِّر لها عند نشوء هذا الخلاف، لكن سرعان ما تحضر الحكمة، ويأتي التفكير السليم، وتتسارع خطى الرغبة في العودة إلى الوئام، وتعود المياه إلى مجاريها، مهما كانت هناك من إحداثيات لمنع السيل عن أن يتجه إلى مجراه الصحيح.
* *
في دول مجلس التعاون، حدث الخلاف بين قطر وكلٍّ من المملكة والإمارات والبحرين، وتطوَّر الخلاف إلى قطع العلاقات، وتغييب حبل التواصل الذي كان، بما في ذلك إغلاق الأجواء والحدود البرية والبحرية بين المملكة وقطر، دون أن تتخلى المملكة عن حرصها على وحدة مجلس التعاون، وأهمية انتظام عقد قممه خلال السنوات الأربع التي شهدت تصعيداً غير معتاد في شحن هذا الخلاف عن طريق وسائل الإعلام.
* *
اليوم، وفي بادرة حسن نية، خطت المملكة خطوة شجاعة، تقدر عالياً لهما، بعقد هذه الدورة من قمم المجلس في أراضيها، والإعلان عن قرار مهم سابق لعقدها وهو فتح الأجواء والحدود البرية والبحرية بين المملكة ودولة قطر؛ حرصاً من الرياض على وحدة الصف الخليجي، ولم شمل مواطني دوله، وجمع الكلمة فيما بينهم.
* *
هذا القرار الاستراتيجي والتاريخي الشجاع هيَّأ مبكراً كل فرص النجاح لقمة العلا، وعزز الرغبة لدى الجميع بتعميق الروابط الأخوية فيما بين دولنا، وكل هذا يأتي كاستهلال وإيذان بفتح صفحة مشرفة في العلاقات الأخوية، خالية من أي عوارض تشوبها، كما يعكس قرار المملكة بفتح الأجواء والحدود البرية والبحرية جدية والتزام الرياض بوضع الأسس لحل الأزمة مع قطر.
* *
ونحن على يقين بأن صفحة جديدة من العلاقات بين قطر من جهة وكلٍّ من الإمارات والبحرين ومصر من جهة أخرى ستكون إلى جانب المملكة ضمن هذا الصلح مع دولة قطر، وطي صفحة الماضي بكل ما فيها من سلبيات، ومواقف مريرة لم تكن تعبِّر عن حقيقة الروابط الأخوية والتاريخ المشترك بين هذه الدول.
* *
ومن المؤكَّد أن ما أصاب العلاقات بين دول المجلس من ضرر، سببه الشحن الإعلامي السلبي، ولكن في المقابل، فإن ما حدث يفتح الطريق لمعالجة أسباب هذا الخلاف لضمان عدم تكراره، بما في ذلك الحيلولة دون دخول أطراف أجنبية تخريبية على خط العلاقات سواء بين دولنا، أو على أهداف وسياسات مجلس التعاون الخليجي.
* *
ولعل مظاهر ومشاهد استقبال القادة وممثليهم لدى وصولهم مطار الأمير عبد المجيد في محافظة العلا، وتحديداً استقبال الأمير محمد بن سلمان للشيخ تميم بن حمد، والعناق الحار الذي تم بينهما، إنما يمثِّل زوال كل أسباب الفرقة، والاختلاف في وجهات النظر، والوصول إلى مرحلة متقدمة من العلاقات المتميزة بين دولتينا المملكة وقطر.
* *
ومن مركز مرايا في العلا، حيث تُعقَد القمة برئاسة خادم الحرمين الشريفين، سوف نسمع أكثر وأهم وأبلغ مما شاهدناه في مظاهر الاستقبال بالمطار، كما أن إعلان العلا في اختتام اجتماعات القمة الخليجية سوف يضعنا أمام مرحلة مستقبلية متقدمة في العلاقات بين قطر وكل دول الخليج ومصر، سواء تم ذلك ضمن قرارات القمة، أو خلال الفترة القريبة القادمة.
* *
«الجزيرة»:
كلمة رئيس التحرير كُتبت قبل صدور البيان الختامي لـ «قمة السلطان قابوس والشيخ صباح» و «إعلان العلا» الصادر في ختام أعمال القمة الخليجية في دورتها الحادية والأربعين.