د.م.علي بن محمد القحطاني
سعياً لتحقيق رؤية المملكة 2030 وبرنامج جودة الحياة فيها والذي عنى بتحسين نمط حياة الفرد والأسرة، وبناء مجتمع ينعم أفراده بأسلوب حياة متوازن، وذلك من خلال تهيئة البيئة اللازمة لدعم واستحداث خيارات جديدة تعزز مشاركة المواطن والمقيم في الأنشطة الثقافية والترفيهية والرياضية التي تساهم في تعزيز جودة حياة الفرد والأسرة، ومن أهدافه تعزيز ممارسة الأنشطة الرياضية في المجتمع.
ولذلك أنفقت الدولة مئات ملايين الريالات لإنشاء وتجهيز مناطق لممارسة رياضة المشي، ونشر هذه الثقافة في المجتمع لما لها من انعكاسات إيجابية على الفرد وصحته.
ومنها مسار طريق الأمير محمد الفيصل بجدة (مجرى السيل بعد تغطيته) الموازي لشارع التحلية شمالا وجنوب شارع الأمير سعود الفيصل.
هذا المسار مجهز ليكون ممراً للمشاة ويبلغ طوله 2300م تقريبا فسيح ومريح الشارع بين جهتي المسار هادئ، تطل عليه نماذج معمارية مختلفة من قصور وفلل وحركة المركبات خفيفة وتفتقد لوجود المطبات الصناعية أو لوحات التهدئة، والغريب وجود 8 تقاطعات فتتت الممشى إلى أشلاء، منها شارع رئيسي قامت الجهات المعنية بإغلاقه مؤقتاً بوضع حواجز خرسانية (نيوجرسي) لمنع مرور المركبات، ولكن لازال العائق موجوداً يعيق حركة كبار السن وأصحاب الهمم العالية (ذوي الاحتجاجات الخاصة) من اجتيازه لإبقاء الأمانة على الرصيف العالي نسبياً، وكذلك العديد من الدورانات بلغت 7 دورانات للمركبات في الاتجاهين تخترق الممشى وتفقده عامل الأمان والسلامة، وتمثل خطورة على هؤلاء المتريضين من السائقين المتهورين الذين يأخذون الدوران بدون توقف أو تهدئة أو أي اعتبار للمشاة؛ مما يتسبب في الحوادث، ومن المشاهد المتكررة توقف مركبة بصورة مفاجئة قبل أن تودي بحياة مجموعة من المشاة بفضل الله.
ومن المعروف أن هناك اشتراطات هندسية ومتطلبات فنية لإنشائها، ولكن يبدو أن اعتبارات خاصة طغت على تلك المواصفات.
إني أتساءل أين دور المرور في مثل هذه الحالات والذي أشادت بجهوده منظمة الصحة العالمية في تقريرها الذي نشر في بداية هذا العام من حيث المنهجية التي تسير عليها المملكة في تحسين السلامة المرورية، وذلك من خلال برنامج التحول الوطني ورؤية المملكة 2030، وبمشاركة القطاعات ذات الصلة ما يسهم في توحيد الجهود وسرعة الإنجاز، من خلال تحقيق تحسن ملحوظ في مؤشرات السلامة المرورية وانخفاض أعداد وفيات حوادث الطرق بنسبة 35 في المئة، وجهود المملكة في تعزيز السلامة المرورية، بما يحقق المستهدفات العالمية في حفظ الأرواح والممتلكات.
وحسب علمي أن هناك لجنة مرورية مشكلة من عدة جهات معنية بالحركة المرورية في المدينة ودراسة ما قد يطرأ أو يستجد يؤثر على انسيابية الحركة المرورية أو يمثل تهديدا للأرواح والممتلكات، وإيجاد الحلول الهندسية المناسبة لها، فأين دورها؟ ولا نغفل دور الأمانة المحوري في ذلك، أم أننا ننتظر حتى تزهق أرواح لنعبر عن عميق أسفنا لما حدث ثم نبدأ في دراسة الحلول؟
ولإعادة عنصر السلامة لهذا الممشى الشهير فلابد من إعادة تأهيله بدراسة تلك التقاطعات بما يتلاءم مع وظيفته كممشى وتقليص عددها، مع معالجة البقية مما يجبر العربات على التوقف تماماً وتهدئة السرعة واعتبار أحقية العبور للمشاة وليس العكس، مع الاهتمام بالمساحات الخضراء به من اختيار للأشجار والشجيرات والنباتات الملائمة للمكان ومرتاديه واستمرارية رعايتها بالري والتشذيب الذي تفتقده، حتى أصبح العديد منها مؤذيا للمارة، وهذه الملاحظة ليست مقتصرة على هذا الموقع فقط فهناك شوارع جانبية وطرقات فرعية بل محاور وطرق رئيسة في جدة تحتاج إلى تكثيف أعمال الصيانة الدورية والوقائية لها.
مجرد لمسات خفيفة تؤدي - بإذن الله - إلى نتائج عظيمة من أهمها حفظ الأرواح وصون مكتسبات الوطن والسعي قدما لتحقيق رؤية المملكة 2030.