علي الخزيم
أسماء عربية كانت مغمورة بين القبائل قبل الإسلام، ومثلها أسماء غير عربية كانت منسية في قومها؛ وباختلاطها بالعرب ودخولها طائعة راضية بدين الله الإسلام إثر الدعوة المحمدية برزت وذاع صيتها، إذ إن الإسلام يرفع أصحابه ويعلي شأنهم بمجتمعهم ويساوي بينهم بالحقوق والواجبات، فالفضل بينهم بالتقوى، والنبي محمد صلى الله عليه وسلم كان قدوة في هذا الشأن وكذلك صحابته ومن اقتدى بهم من بعدهم؛ فقد كان يتلطف مع الضعفاء والمساكين وذوي الحاجات من المعاقين والعميان والعرجان واللُّوَث (قاصري الإدراك) ومثلهم المساكين والأرامل والأيتام، وإن كان للعرب في حقبة بعيدة قبل الإسلام أو ما يسمى بالجاهلية - فهي تسمية لا تليق بهم لما لهم من باع طويل بالثقافة والعادات والسجايا الحميدة - إن كان لهم تعامل مع هذه الفئات من عدم ترويسهم وتجاوزهم بالمراسم الاحتفالية والتقليل من قدراتهم العملية؛ فإنهم لم ينبذوهم بالمرة أو يتجاهلوا إنسانيتهم كما فعلت أقوام أخرى دعا فلاسفتها وزعماؤها في أزمان مضت إلى تنقية المجتمع منهم، بل وصل الأمر ببعضهم إلى المناداة بضرورة قتلهم للتخفيف من أعبائهم.
وكمثال فإن (جليبيبا الثعلبي) كان دميم الخلقة فقيراً إلَّا أنه عالي الأخلاق كريم الطباع أحبَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك؛ وكان يتعامل معه حين يلقاه بكسر الحاجز النفسي الذي يَجِده (جليبيب) بمجتمعه، وكان يداعبه ويرفع من شأنه حتى أنه عرض عليه فكرة الزواج رغم قلة ذات اليد، فكان ما كان من أمره بعد زواجه الذي استشهد بعده بقليل -رضي الله عنه، وكذلك (أويس بن عامر القرني) الشاب الزاهد المتواضع بسيط الحال، أدرك رسول الله ولم يره، وسبب شهرته شهادة النبي محمد له بالصَّلاح والإيمان لا سيما بِرّه بأمه وكونه خير التابعين، وكان مُعلماً وقدوة ببر الوالدين والتواضع لله سبحانه، فهذه مما علمنا الرسول المصطفى بأنّ مكانة المرء عند الله لا تكون بالمناصب والحسب والنسب إلَّا باقترانها بطاعة الله وخشيته وبرّ الوالدين والتواضع والزهد بزخارف الدنيا، وسار الصحابة الكرام على ذات الطريق وقصص إبي بكر وعمر وغيرهما تُنِير صفحات التاريخ، والخليفة عمر بن عبد العزيز طرق هذا النهج الشريف حين أصدر توجيهاته بأن يرفع الولاة إليه عن كل أعمى ومقعد ومفلوج أو ذي الزمانة (الأمراض المزمنة)؛ فأصلح من شأنهم وأضفى عليهم الخدمات والمصروفات، وعلى الطريق نفسه سار الخليفة الوليد بن عبد الملك حين أنشأ عام 88 هـ ديواناً (مؤسسة) متخصصة ومراكز رعاية لذوي الاحتياجات الخاصة تضم بجنباتها الأطباء والممرضين وأجرى لهم الرواتب ليغنيهم عن سؤال الناس، وجعل لكل مقعد وكسيح وضرير من يخدمه.
وفي عصرنا الحاضر تجد ملوك مملكة الإنسانية مملكة العزم والحزم -أيدهم الله - خير من تَتبَّع خطوات القدوات المسلمين الأوائل، وليس أول ذلكم مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية المخصص للأعمال الإغاثية والإنسانية الدولية، ويهدف لتقديم المساعدات للمحتاجين بالعالم بالتنسيق مع المنظمات والهيئات العالمية المختصة، والحديث عن أعمال المملكة الإنسانية الخيرية أكبر وأعظم من أن تحتويه كلمات وسطور.