قد تكون مؤشرات القياس العالمية أرقامًا وإحصائيات بيانية بالنسبة للعالم أجمع، لكنها بالنسبة للسعوديين تيجاناً مُكللة بجهد وسهر ليال لتحقيق الحُلم، وأننا كجبل طويق في صموده وصبره، بقيادة ملك الحزم والعزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -أيده الله- على اهتمامهما المُستمر والداعم المُتواصل لكافة العلوم وقطاع التعليم والجامعات، وبما حققاهُ من منجزات كبيرة يأتي منها إحرازها المركز الأول عربيًا والـ17 عالميًا في نشر ما نسبته 83.4 من أبحاث كورونا بالمملكة، أي 1.8 في المئة من الإنتاج البحثي العالمي، ليكون هذا المنجز تجسيداً تتميز به الجامعات السعودية من كفاءات علمية وبحثية وبنية تحتية قوية ساهمت في صناعة التفوق، وهو أمر يدعو إلى الفخر.
لذا سارعت السعودية الى تحفيز منظومة البحث والتطوير والابتكار لمعرفة مسببات الوباء وتطوير حلول تقنية تساعدها في مواجهته، مما وضع السعودية على الترتيب العاشر عالمياً في قائمة الإنتاج البحثي للدول في سبتمبر الماضي، وفق عدد الباحثين المسجلين فيها بتقرير «رصد الأنشطة الوطنية في البحث والتطوير والابتكار لمواجهة جائحة كورونا» الصادر عن مرصد البحث والتطوير والابتكار في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، من مارس الى منتصف يوليو هذا العام، حيث نُشرت أول ورقة بحثية حول الجائحة في السعودية في 1 مارس، لتتوالى بعدها العديد من المشاريع والمنح والمبادرات، إضافة إلى ضخ ملايين الدولارات لدعم الأبحاث حولها، والتي أثبتت المؤشرات التي تم رصدها السرعة في الاستجابة والتأقلم، مع رصد اختلافات بينية في الأداء بين مختلف مراحل المنظومة وتقاطعاتها مع سلسلة التدابير لمواجهة الجوائح.
وتوزعت الأبحاث العلمية في المملكة بين المستشفيات ومراكز الأبحاث المرتبطة بها والجامعات، حيث ساهمت 6 مؤسسات طبية سعودية، و21 جامعة في نشر 269 ورقة علمية، كانت في صدارتها جامعة الملك سعود بعدد 40 ورقة علمية، ثم وزارة الصحة بعدد 34 ورقة علمية. لتحصل السعودية على الترتيب العاشر عالمياً، في قائمة الإنتاج البحثي للدول بحسب عدد الباحثين المسجلين فيها، وبالنظر إلى عدد الأبحاث بين كل 1000 باحث، وتتصدر فيها جامعة الملك سعود المرتبة الأولى على مستوى الجامعات السعودية بنسبة 25 في المئة من نشر الأبحاث على مستوى الجامعات في مواجهة فيروس كورنا المستجد منذ بداية انتشاره في العالم عبر مراكزها البحثية ونخبة من الباحثين وأعضاء هيئة التدريس على المشاركة في تخصيص ورش عمل ودراسات أسهمت في التصدي لـ19 COVID وكيفية سبل الوقاية منه والعلاج من خلال نشر 131 بحثًا علميًا حول الفيروس، لتُصبح أبرز المُساهمين في تحقيق المملكة العربية السعودية للمركز الأول عربيًا والسابع عشر عالمياً في الإنتاج البحثي العلمي المتعلق بالجائحة.
وختاماً: إن قدرة المجتمع البحثي السعودي على مساعدة بلاده في التصدي للجائحة، وخروجه بأفضل النتائج المُمكنة، وكنا نتمنى أن هذه المخرجات تكون أفضل مما هي عليه الآن في حال طورت عناصر مُتعددة مثل البنى التحتية والأطر التنظيمية، بجانب عمل الجهات الفاعلة في المنظومة باتساق فيما بينها تحت مظلة وطنية واحدة، تعزيز مكانتنا بين دول العالم، وليزداد احترام العالم لمملكتنا العزيزة، ورؤيتنا الهادفة.