ما الذي يجعل المدير ناجحًا؟! تتعدد نصائح الإدارة الصحيحة التي قد تعتقد أنه بمجرد قراءتها وتطبيقها فإنك ستتحول إلى المدير الذي تتطلع لأن تكون، لكن هل يتوقف الأمر على مجرد النصائح؟ بالطبع لا، وإلا لتحول الجميع ليصبحوا مديرين ناجحين!
لذلك فإنه في هذا المقال، لا أسعى فقط لأنقل لك مجموعة من النصائح المبهمة التي لا تعرف الطريقة أو الكيفية التي يمكنك بها أن تستخدمها بكفاءة، ولكني أنقل لك في الوصايا الخمس التالية خلاصة خبرتي الممتدة لأكثر من 20 عامًا مع فن الإدارة... إنها وصايا أجمع لك فيها بين الخبرة والعلم والتجارب الحية لتلك الوصايا، لكي تستخلص منها «وصفتك» الخاصة للنجاح، فاحزم أمتعتك واستعد للانتقال إلى السطور التالية:
الوصية الأولى: كُن حازمًا
قررت في إحدى السنوات منح كافة الموظفين في مجموعة شركاتي، بقسميها المصري والسعودي، إجازة أسبوع احتفالاً بالعيد «كما يحدث في السعودية»، لكن أعلنت وقتها الحكومة المصرية أن البورصة والبنوك سوف تعمل نهاية هذا الأسبوع «يومي الأربعاء والخميس على ما أتذكر».
لكن قبل قدوم يوم الأربعاء «أول يوم عمل في القسم المصري بالشركة بعد العيد»، جاءني أحد مديري الأقسام وأقنعني بأهمية حصول كافة الموظفين سواسية على نفس الإجازة، ووافقت على ذلك وقتها، حينها جاءني المدير الإداري وأخبرني بأنه حتى ولو كنت رئيسًا لمجلس الإدارة فلا ينبغي لي أن اتخذ قرارات فردية، وأنه يرفض هذا القرار خاصة مع كثرة الإجازات الرسمية للسوق المصري «مقارنة بالسوق السعودي» وبالتالي لا حاجة هنا لإعطاء إجازات إضافية، وقد احترمت وقتها الحزم الكبير الذي تمتع به في تنفيذ قراراته، واعتذرت له على القرار الفردي الذي قمت باتخاذه.
يجب على أي مدير أن يتمتع بهذا المقدار من الحزم في اتخاذ القرارات، خاصة ولو كان في القرارات التي لها علاقة بالمصلحة العامة للشركة، لأن التهاون قد يؤدي لانهيار النظام بشكل تدريجي، وهو ما يؤثر بالتالي في قدرة الشركة على النجاح.
الوصية الثانية: التفويض الجيد
أعتقد مع الأسف أن سياسة التفويض الجيد لا تطبق في العديد من الشركات في الوطن العربي، حيث نجد أن العمل قد يتوقف في كثير من الأحيان على شخص المدير، الذي لا يهتم ببساطة بتطوير من معه، ولا يعطيهم إلا المهام التافهة ويتركهم بدون خبرة أو تطوير، لسببين:
أ- عدم ثقته في نفسه، حيث يخاف من أن يتم الاستغناء عنه في حالة تطوير فريق عمله.
ب- عدم ثقته في أي عضو من أعضاء فريق العمل، حيث يراهم دائمًا دون المستوى وغير قابلين لتحمل المسؤوليات التي يتولاها.
من المهم أيضًا أن يُدرك المدير أن تفويض بعض المهام التي يقوم بها إلى موظفيه لا يعني التنصل من المسؤولية، فإذا أخطأ الموظف في أداء تلك المهمة بالجودة المطلوبة يجب أن يُلام المدير على هذا الخطأ، لأنه من الممكن ألا يكون قد شرح للموظف طبيعة المهمة أو يدربه عليها أو لم يتابعه بالشكل الكافي... لا يجوز للمدير أن يتنصل من المسؤولية عند الفشل، في حين أنه وحين ينجح ينسب هذا النجاح لنفسه، فهذا هو التفويض بشكله الخاطئ.
الوصية الثالثة: كُن منظمًا
تخيل معي لو أن إحدى الشركات تمتلك مديرين، يقوم الأول بعمل اجتماع غير محدد المدة مع فريق العمل بمجرد وصوله، ومن ثم يقوم بتنفيذ عمله بدون ترتيب أو أولويات، وبالتالي يضطر لأن يسهر لأوقات متأخرة حتى ينهي عمله، وفي النهاية لا ينجح في تقديمه في المواعيد المطلوبة منه، كما أن عمله قد لا يكون بالجودة الكافية التي قد تكون الإدارة تبحث عنها.
في حين أن المدير الثاني يقوم بتحديد 30 دقيقة فقط للاجتماع الصباحي، 20 دقيقة لقراءة الإيميلات، 15 دقيقة للمكالمات، ومن ثم يرتب المهام المطلوبة منه حسب الأهمية والأولوية، ويحدد وقت معين للراحة ووقت معين لمتابعة حركة كل الأقسام، وبالتالي ينجح في النهاية في تسليم المطلوب منه في المواعيد المحددة، وبالجودة المطلوبة... قد لا يعمل المدير الثاني بنفس المجهود الذي يعمل به الأول، ولكنه ببساطة أكثر «تنظيمًا»، ما يجعله أعلى في الكفاءة، حيث يتبع ببساطة المثل القائل: «DO IT SMART NOT HARD».
للنظام العديد من الفوائد المؤثرة في نجاح أي مدير بصورة عامة، منها:
- تمنحه سرعة الاستجابة لمتغيرات السوق.
- التوزيع الصحيح للموظفين في المهام التي تناسبهم.
- غياب الازدواجية أو التكرار في أداء العمل.
- يتيح لجميع الموظفين فرصة اكتساب الخبرة لأن بالتنظيم السليم يكون لكل فرد أكثر من مهمة يقوم بها.
- توفير الوقت والمجهود.
الوصية الرابعة: تعيين الكفاءات
إلى جانب كون عملية «تعيين الكفاءات» شديدة الأهمية في تطوير فريق عملك، إلا أنها تعد مهمة شديدة الصعوبة، نظرًا للاختلاف الكبير في طبيعة عمل الشركات، فمن العيوب التي يمكن أن تواجه المدير الناجح في هذه الخطوة هي عدم تأقلم هذا الموظف الكفء على نظام العمل داخل الشركة «التي قد تكون صغيرة»، أو حتى عدم التوافق بين المهارات المطلوبة.
إذًا، كيف تتغلب على هذه العيوب، وتنجح في دمج الكفاءات بفريقك؟
- تفاعل مع الموظف القادم من مؤسسة كبيرة بشكل مؤثر.
- دفعه للابتكار والتفكير في حلول جديدة تتناسب مع شركتك.
- التأكد من الفهم الكامل للمنتج والسوق قبل بدء العمل.
- تحفيزه للاندماج مع بيئة العمل المحيطة به.
الوصية الخامسة: الذكاء الاجتماعي
في إحدى المناسبات، قامت موظفة أمريكية بنشر صورة لـ»إيميل» تطلب فيه من مديرها إجازة لمدة يومين للتركيز على «سلامتها الذهنية»، ليرد عليها مديرها: «أشكرك على تذكيري وتذكير زملائك بأهمية الإجازات المرضية من أجل الحفاظ على السلامة الذهنية».
تخيل معي لو قام أحد الموظفين في إحدى الشركات المصرية بإرسال «إيميل» مماثل إلى مديره، ما سيكون الرد؟!
من أهم صفات المدير الناجح هو الذكاء الاجتماعي وحسن التقدير، والمقصود هنا من الذكاء الاجتماعي هو أن يمتلك المدير القدرة الكافية على تفهم طلبات موظفيه، لكن بشرط ألا يؤثر ذلك في سير العمل، وهو ما يمنحه درجة عالية من تقدير واحترام الموظفين، ويجعلهم أكثر قابلية لبذل مجهود إضافي لمصلحة المدير.
يندرج «العدل» أيضًا تحت «الذكاء الاجتماعي»، فالعدل هنا لا يكون على مستوى الراتب فقط، ولكنه يشتمل أيضًا على توزيع المهام والتشجيع وتطوير الفريق، وبحيث يكون الجميع سواسية، فالمدير الناجح هو من يجعل الخامل نشيطاً والكسلان متحمساً وضعيف الأداء متميزًا وذلك عبر عدله في تطوير كل منهم وتقييمه، وهو ما يحفزهم على تحسين أدائهم بصورة مستمرة.