خالد بن حمد المالك
تتطلع الأنظار اليوم إلى (العلا) بالمملكة العربية السعودية، حيث تعقد القمة الخليجية في دورتها الحادية والأربعين في هذه المحافظة التاريخية الجميلة برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بانتظار قرارات مهمة تصب في مصلحة دولنا وشعوبنا.
* *
وفي هذه القمة تحديدًا، هناك مستجدات طرأت على العلاقات بين بعض دول المجلس، أثّرت على مسيرة وعمل المجلس، وأخرت ما كان منتظرًا منه، لتكون هذه القمة فرصة لتطويق الخلافات، وزرع الثقة، وإرضاء النفوس، ولملمة الجراح، وبناء أوثق العلاقات بين جميع دول المجلس.
* *
وفي هذا الاجتماع أيضًا هناك إرادة قوية لدى قادة دول المجلس على إذابة كل ما كان عائقًا أمام إعادة العلاقات إلى ما كانت عليه، ورغبة لتجنب كل ما يسيء إليها في المستقبل، ومعالجة كل تطور لا يخدم مصالح الجميع من خلال الحوار والتفاهم بالتي هي أحسن.
* *
اجتماع اليوم في العلا، وإن كان امتدادًا لقمم سابقة ظلت في حالة انعقاد سنوي ولم تتوقف حتى في السنوات الأربع السابقة التي شهدت فتورًا في العلاقات بين بعض دول المجلس، إلا أن هذا الاجتماع - تحديدًا - يكتسب أهميته من أنه يعقد مسبوقًا بتفاهم بين القادة على حل كل الإشكالات في العلاقات التي شهدتها الفترة السابقة.
* *
والاهتمام بهذه الدورة من لقاءات القمة لا يقتصر على المحيط الخليجي أو العربي، وإنما يمتد إلى جميع دول العالم، فدول مجلس التعاون تمثل أهمية كبيرة للاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي على مستوى العالم، ومن هنا فإن محافظة العلا ستكون في موقع الرصد والمتابعة دوليًا، وبخاصة من وسائل الإعلام.
* *
لكن الأهم أن تكون قرارات قمة العلا في مستوى تطلع وآمال شعوب دول الخليج، وأن يصاحب القرارات التنفيذ والالتزام، وطي صفحة الماضي، والاستفادة من الدروس والعبر والنتائج والأسئلة التي أثارتها الخلافات، ولم يستفد أحد منها، في قليل أو كثير، بل إن أضرارها كانت شاملة ومؤثرة، ولم يحصد أحد فائدة منها.
* *
ومسؤولية وسائل الإعلام، وتحديدًا وسائل الإعلام الخليجية، أو الممولة من بعض دول الخليج، أن تسند وتدعم التوجه الجديد في العلاقات، وتعاضد من يعمل على إرساء أفضل العلاقات بين دول المجلس، وأن تتجنب التصعيد الإعلامي الذي من شأنه إثارة الفتن، وخلق الحزازات، وعليها أن تلتزم بالصدق، والموضوعية، وبأخلاق المهنة، والتركيز على الحقائق، بعيدًا عن خلق القصص والروايات الكاذبة.
* *
المواطنون الخليجيون متفائلون، ولا يخالجهم أدنى شك بأن اجتماع القادة سوف يلبي بقراراته طموحاتهم، وأن الأهداف والمبادئ التي قام عليها المجلس سوف تكون هاجس القادة بحمايتهم لها، والالتزام بها، والذب عنها، حتى ولو تطلب ذلك التنازل من هذا أو ذاك لمصلحة شعوبنا ودولنا.
* *
وإلى أن يبدأ الاجتماع، ثم ينتهي، وإلى أن تعلن قراراته، ومع متابعتنا للأجواء التي سوف تصاحب عقده، والضيافة التي يقدمها ويستقبل بها الملك سلمان إخوانه قادة الدول الخليجية، سنكون على الوعد والعهد بأن أحدًا لن يكون بمقدوره أن يحول دون تحقيق هذا التآخي في أجمل صوره بين قادتنا بمثل ما نرى ظلاله وقد عم المنطقة.
* *
«الجزيرة» :
هذا المقال كتبه رئيس التحرير قبل ما تضمنه الاتصال الهاتفي لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع مساء أمس الذي جمعه بسمو أمير الكويت وسمو أمير قطر، من تأكيد حرص الجميع على وحدة الصف ولم الشمل وجمع الكلمة من خلال توقيع بيان العُلا الذي يُعدّ بحول الله إيذاناً باستهلال صفحة مشرقة في العلاقات الأخوية خالية من أي عوارض تشوبها.
وجاءت استجابة المملكة لطلب أمير دولة الكويت بفتح أجوائها مع دولة قطر كبادرة حُسن نية تعكس جدّية والتزام الرياض بوضع أسس لحل الأزمة كنهج اتبعته منذ بدايتها.