عوض مانع القحطاني - الرياض:
بدعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- ومشاركة أصحاب الجلالة والسمو قادة دول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، تعقد اليوم الثلاثاء القمة الحادية والأربعين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون في محافظة العُلا.
وأكد الأمين العام لمجلس التعاون الدكتور نايف فلاح مبارك الحجرف في تصريح بهذه المناسبة: «إن مجلس التعاون اليوم يخطو بثبات نحو العقد الخامس من مسيرة التعاون المباركة -بفضل من الله- ثم بحكمة أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس -حفظهم الله ورعاهم-، وإن انعقاد الدورة الحادية والأربعين في العلا التاريخية على الرغم من الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم من جائحة كورونا يؤكد حرص قادة دول المجلس في الحفاظ على مجلس التعاون كمنظومة متماسكة قادرة على تجاوز الصعوبات والتحديات، وتعزيز مسيرته التكاملية في المجالات كافة.
وأضاف: «بالأمس القريب شاهدنا بكل فخر واعتزاز رئاسة المملكة العربية السعودية لأعمال قمة مجموعة العشرين وكيف تمكنت المملكة من قيادة مجموعة العشرين لتعزيز التعاون الدولي، واليوم وإذ نشهد الاستعدادات لانطلاق أعمال الدورة الـ«41» للمجلس الأعلى لنؤكد بأهمية تعزيز جميع مجالات التعاون والتكامل الخليجي، دافعين بالملف الاقتصادي كعنوان للعقد الخامس من مسيرة مجلس التعاون المباركة، عبر تعزيز ودعم العمل المشترك للمساهمة في إعادة التعافي الاقتصادي واستعادة النمو وعودة الحياة إلى طبيعتها بعد الجائحة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وعبَّر الدكتور الحجرف عن شكره لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس على جهودهم المبذولة لتعزيز أواصر البيت الخليجي وترسيخ مرتكزاته، معرباً عن أمله في أن تسفر قرارات القمة عن دفع مسيرة العمل الخليجي المشترك قدمًا إلى الأمام، تعزيزًا لأمن واستقرار دول المجلس، الذي هو كل لا يتجزأ، وتحقيقًا لتطلعات وآمال مواطني دول المجلس نحو مزيد من الترابط والتعاون والتكامل.
وأكد الدكتور الحجرف أنه -بفضل المولى عز وجل- ثم رؤية وحكمة قادة دول المجلس، حقق مجلس التعاون العديد من الإنجازات والمشروعات التكاملية على مدى العقود الأربعة الماضية منها السوق الخليجية المشتركة، والاتحاد الجمركي، والربط الكهربائي، وحرية تنقل رؤوس الأموال والعديد من المكتسبات الأخرى التي يتمتع بها مواطنو دول المجلس، التي تؤسس للمرحلة المقبلة من هذه المسيرة المباركة لبناء مستقبل مشرق -بإذن الله-. وأعرب عن شكره وتقديره للجهود الكبيرة التي بذلتها المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- في الإعداد والتحضير لانعقاد القمة عبر تسخير كافة الإمكانيات وتذليل الصعوبات لضمان نجاح القمة التي تستضيفها المملكة للمرة العاشرة في تاريخ القمم الخليجية في مسيرة مجلس التعاون المباركة. مما يذكر أن المجلس الأعلى هو السلطة العليا لمجلس التعاون ويتكون من رؤساء الدول الأعضاء ويجتمع في دورة عادية كل سنة، وتمثل الدورة الحادية والأربعين مرحلة جديدة في مسيرة مجلس التعاون الخليجي بالدخول إلى العقد الخامس من عمر المجلس تتمثل في تهيئة آفاق جديدة للمواطن الخليجي وتمكين الشباب وتأهيلهم لقيادة عجلة الاقتصاد والتنمية الخليجية على المدى لبناء مجتمع متمكن، يعتز بماضيه ومنجزاته ويتطلع للمستقبل وطموحاته -بمشيئة الله تعالى-.
يُعَدُّ مجلس التعاون لدول الخليج العربية أحد أكبر التجمعات الاقتصادية في العالم بناتج محلي إجمالي يبلغ 1.6 تريليون دولار، وسادس أكبر مصدر سلعي في العالم بإجمالي صادرات بلغت 609.5 مليار دولار، وستركز دول مجلس التعاون في عقدها الخامس على استعادة النمو الاقتصادي للمنطقة بعد الجائحة وتجاوز تحدياتها واستئناف مفاوضات التجارة الحرة وتعزيز الشراكات الاستراتيجية مع الدول الصديقة، كما سيسعى المجلس إلى تعزيز تنافسيته الاقتصادية عبر تبني أساليب عصرية في توظيف ملفات المستقبل وتضمينها في الخطط المطروحة كافة وتسخيرها لتشكيل آفاق جديدة من التعاون المنشود.
ومن أبرز إنجازات مجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال العقود الأربع الماضية: إقامة مركز التحكيم التجاري لدول المجلس، إنشاء هيئة التقييس لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، تطبيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في مجال تملك وتداول الأسهم وتأسيس الشركات، السماح للشركات الخليجية بفتح فروع لها في دول مجلس التعاون وتطبيق المساواة التامة في معاملة فروع الشركات معاملة فروع الشركات الوطنية، إنشاء شبكة الربط الكهربائي بين دول المجلس وتشغيلها في عام 2014، إنشاء مكتب براءات الاختراع لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، توفير الحماية لطلبات براءات الاختراع، المبادرة الخليجية لدعم واستقرار اليمن في 2011 والمعدلة في 2014 وإدانة كل محولات الانقلاب على الشرعية الذي تقوده وتنفذه جماعة الحوثي، مساندة دول المجلس لموقف الإمارات العربية المتحدة من قضية الجزر المحتلة ومطالبة إيران بإنهاء احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث، المساهمة في التحالف الدولي ضد داعش والعمل الجاد لمواجهة الإرهاب والتطرف، ونبذه لكل أشكاله وصوره، والعمل على تجفيف مصادر تمويله، كما أن أمن الخليج والحفاظ على وحدته مسؤولية مشتركة.
من جانب آخر فإن الدبلوماسية السعودية حصَّنت البيت الخليجي من أي تصدع.. مما جعل دول الخليج تنعم بالأمن والاستقرار وعدم الانهيار، كما أن المملكة تقف مدافعة لوحدة هذا المجلس على مدى 41 عاماً وتدعم وتساند كل عمل خير يعود بالنفع والفائدة على أبناء دول المجلس، وبقي مجلس التعاون صامداً وواقفاً رغم ما يحيط به من تجاذبات سياسية، حيث واجهت المملكة كل التحديات واحتوت جميع الأزمات إيماناً منها بأهمية وحدة الصف الخليجي وحرصاً من قيادة المملكة على أن تبقى دول المجلس دولاً بعيدة عن أي صراعات.. وتبقى داعماً لأمن واستقرار العالم بما حباها الله من ثروات طبيعية. كما أن انعقاد القمة الخليجية المقبلة في المملكة يوم غد هو لتعزيز اللحمة الخليجية ووحدة المصير ووحدة الأخوة بين قيادات المجلس وأبناء هذه الدول، وتضع حداً لأي تدخلات في مسيرة هذه الدول، ووضع تكامل لمنع أي اختراقات، واحترام وصيانة المعاهدات التي بين دول المجلس.
فقد أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - عند افتتاحه القمة الـ(40) الماضية لدول المجلس قائلاً لإخوانه أصحاب الجلالة والسمو: لقد تمكن مجلسنا -بحمد الله- منذ تأسيسه من تجاوز الأزمات التي مرت بها المنطقة.
ومنطقتنا اليوم تمر بظروف وتحديات تستدعي تكاتف الجهود لمواجهتها، حيث لا يزال النظام الإيراني يواصل أعماله العدائية لتقويض الأمن والاستقرار ودعم الإرهاب، الأمر الذي يتطلب منا المحافظة على مكتسبات دولنا ومصالح شعوبنا، والعمل مع المجتمع الدولي لوقف تدخلات هذا النظام، والتعامل بجدية مع برنامجه النووي وبرنامجه لتطوير الصواريخ البالستية، وتأمين مصادر الطاقة وسلامة الممرات المائية وحرية حركة الملاحة البحرية.
كما لا يفوتنا في لقائنا هذا أن نؤكد على موقفنا تجاه القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
كما أننا نثمن جهود الأشقاء اليمنيين وعلى رأسهم الحكومة اليمنية في التوصل إلى اتفاق الرياض، ونؤكد على استمرار التحالف في دعمه للشعب اليمني وحكومته، وعلى أهمية الحل السياسي في اليمن وفق المرجعيات الثلاث.
كما أن المملكة حافظت على دول المجلس حتى أصبح هذا المجلس في المحافل الدولية قوة سياسية واقتصادية وأمنية وإنسانية ولها كلمتها وموقعها العالمي.
وأكد عدد من المحللين السياسيين أن هذه القمة الخليجية المهمة هي خطوة إيجابية للم الشمل والحفاظ على هذا الكيان العظيم وأن المملكة تجعل ذلك من أولوياتها القومية بأن تحافظ على مكانة هذه الدول بين دول العالم وترفض رفضاً قاطعاً المساس بأمن المنطقة وتكرس جهودها لمحاربة الإرهاب والتطرف وتدخلات الإيرانية في شؤون المجلس، حيث لن تسمح المملكة أبداً بالإضرار بوحدة الدول واستقرارها لأنه ليس من مصلحة أي دولة أن يكون هناك خلل في تركيبة المجلس والحفاظ على وحدته وأسراره وأن أي خلافات بين دول المجلس مكان بحثها الطبيعي هو داخل المجلس من خلال هذه القمم لحل أي مشكلة إذا صلحت النوايا.