شرع الله سبحانه الزواج، وجعله سنة باقية إلى قيام الساعة؛ لحكم عظيمة منها: بقاء النوع الإنساني، الترفع عن الحياة البهيمية، تكثير عدد المسلمين، تقوية أواصر التعارف بين القائل والشعوب ...إلخ.
ديننا الإسلامي حَثَّ على الزواج ورغَّب فيه، قال تعالى {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء}. وقال صلى الله عليه وسلم: «يا مَعْشَرَ الشباب، مَن استطاع الباءة فليتزوَّج؛ فإنَّه أغضُّ للبصَر وأحصَنُ للفَرْجِ....».
كل أب وكل أم، أجمل يوم يشعران فيه بالفرح وتغمرهما السعادة، عندما يُعقد قران أحد أبنائهما أو إحدى بناتهما، فتلك اللحظات تمثل اللبنة الأولى لبناء بيت مسلم جديد، تحفه السعادة، ويأويه سكن الزوجية الدافئ.
العلاقة الزوجية شراكة الأمد الطويل، انتهاؤها يكون بفقد أحد أركان هذا الكيان المصون (الزوج، الزوجة)، وهو ميثاق غليظ جعله الله بين الزوجين {وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا}.
لكي يستمر هذا المشروع الرباني؛ ينبغي أن يكون الشريكان على قدر كبير من المسؤولية تؤدى فيه الحقوق والواجبات على أكمل وجه، الزوج يقوم بالحقوق والواجبات المناطة به تجاه شريكة حياته، والزوجة أيضًا تقوم بحقوق زوجها وواجباته على ما يرام.
لكن ما نراه اليوم في واقعنا، يدمي القلوب ويؤرق راحة كل غيور، إنها مشكلة أفسدت السعادة، ووأدت الأفراح وحولتها أحزاناً، وجعلت التفاؤل حسرة وخسرانا.
إنه الطلاق وما أدراك ما الطلاق؟! مفرق الأفراد ومشتت الجماعات، معول هدم مسموم، قتل بسمات الأطفال، فرق بين الآباء والأبناء، فتت كيان أسر مسلمة، شرد أبناء أبرياء، أفقدههم دفء الأسرة وحنان الوالدية، وأورث اضطرابات نفسية تجرع كأسها السم الزعاف كل أفراد الأسرة دون هوادة.
أثبتت الإحصاءات لعام 2019م، أن 40 إلى 60 % من نسب الطلاق في المملكة العربية السعودية كان في (السنة الأولى زواج)، وهذا ليس بمستغرب؛ لأن المخطوبين يقدمان على الزواج وهما غير مؤهلين لهذا المشروع العظيم، خبرات هشة، واعتمادية مبالغ فيها على الوالدين، وعدم المعرفة الكافية بكل ما يخص هذا المشروع، حقوق وواجبات ومهام، أيضًا تدخل الوالدين في بداية الحياة الزوجية في كل صغيرة وكبيرة.
أبسط الحلول لدرء هذه المشكلة من وجهة نظري: إلزام المقبلين على الزواج بالحصول على شهادة حضور دورة مركزة ومكثفة في الحياة الجديدة ما لها وما عليها.
وشهادة دورة لأولياء أمور المقبلين على الزواج تثبت حصولهم على جرعة كافية في العلاقات الزوجية ودور الأسرة في بنائها.
أيضًا مراعاة حسن الاختيار، من حيث عمر الشريكين من زاوية التقارب والتباعد، والظروف البيئية، والاجتماعية، وتقارب الثقافة بينهما.
كل هذه الأمور -بإذن الله- تعتبر جرعة كافية إلى حد ما لنجاح سنة (أولى زواج).
** **
ماجستير إرشاد نفسي - تعليم مكة