مع بداية 2021 الخيار لك. أن تبدأ السنة بتكرار الاستياء؛ فيصبح ملازمًا لك، أو تبدأها بالامتنان والشكر والحمد لكل نعمة ولكل درس وخبرة وظرف مررت به في العام المنصرم.
سنة 2020 كانت سنة تعلُّم الصبر والتوكل المطلق على الله. فإذا لم تتعلم هذين الدرسين في عام 2020 فحري بك أن تراجع نفسك ومعتقداتك وعلاقتك مع الله. العديد من (النكت) استبقت أحداث 2021 بتكرار نغمة الاستياء، وأنه لا جديد يذكر، والأوضاع في تدهور، خاصة مع الموجة الثانية لكوفيد في أوروبا، والأنباء عن ابن عمه المتحور.
تذكَّر قول الله في الحديث القدسي (أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء). فالظن هنا كان غير محدد، وترك اللهُ لنا هذا الاختيار أن نظن الجيد بحب وتوكل عليه جل شأنه؛ فسيكون لنا ما نتوقعه وما نظن به.. أم تريد الاستمرار بنبرة الاستياء فإنه سيكون لك ما ظننته وآمنت بحدوثه.
مع بداية هذا العام استعد له بالتعرف على أهم قيمك وأهدافك.. وتحديد أولوياتك، وماذا تريد أن تحقق؟ وفي ماذا تريد أن تتطور وتتحسن؟ وإلى أين تريد أن تصل؟ والأهم أن تكون واقعيًّا، ومركزًا في هذه الأهداف عند كتابتها، وتحرص على أن تغطي الأغلب من جوانب الحياة. مثال على ذلك: الجانب العلمي والعملي, الجانب الاجتماعي والأسري, الجانب الصحي, الجانب الروحي, جانب الترفيه والمتعة والجانب الشخصي والتطوير.
في كل جانب حدد واكتب واجلس مع نفسك جلسة مصارحة وحب؛ فنفسك تستحق أن تكون في مكان هادئ، ومع ورقة وقلم وتفكُّر في شأن نفسك. روحك الغالية تستحق هذه الوقفة وهذا الجهد. العديد من الأشخاص لا يؤمن بكتابة أهدافه، ويحتج بقول إنه غير ضروري، ولا يعترف بذلك, وأنه يكفي أن تكون الأفكار موجودة في الذاكرة والخيال. لم تكن الكتابة من فراغ، بل إن رب العباد أقسم بالقلم وما يسطرون لعِظَم التركيز والتأثير والاتصال بين القلم والعقل. عند الكتابة وإمساك القلم فإنه يتحول الهدف من غير مرئي إلى مرئي، وكلما تخيلته وفكرت فيه فإنه حتمًا سيكون موجودًا في فضاء الاحتمالات اللامتناهي. والكتابة تساعد على إخراجها من العقل اللاوعي (حقل الأفكار) إلى العقل الواعي. وبهذه الطريقة ربطت بين الأفكار والخيلات في العقل الباطن إلى الواقع المرئي الملموس.
والقاعدة الأهم في كتابة أهدافك بعد حسن الظن بالله هي العزيمة والإصرار والالتزام والاستمرار. فقد ذكر القدير في كتابة {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}. بمعنى اعزم واعمل، ثم توكل على الله.
ولا تنسَ أن تكتب أهدافك بنوايا طيبة ومشاعر عالية؛ فالأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى. ودائمًا هناك ترابط بين النوايا والمشاعر. وفي هذا الشأن مقولة شهيرة للكاتبة لويز هاي مؤلفة تحفيزية أمريكية، ولها العديد من الكتب: «إن الحياة دومًا تعكس لنا الشعور الذي نمتلكه بداخلنا». بمعنى أن أحداث حياتك متناغمة مع نواياك ومشاعرك ومعتقداتك؛ لذلك فلنبدأ العام الجديد 2021 بتفاؤل وإيمان عالٍ، ويقين، وتوكل مطلق بأن القادم أفضل. ولنضع النوايا الطيبة والظنون الحسنة مع التركيز على ما نريد أن نحققه، وليس العكس. ولنقُل سوية: توكلنا على الله, عامنا القادم ملون بألوان قوس قزح، ومنير تمامًا كالقمر في منتصف الشهر. عامنا القادم عام السعادة والإنجازات والرؤى المحققة إن شاء الله.
** **
محاضر بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن - باحثة دكتوراه - المملكة المتحدة