خالد بن حمد المالك
يأتي انعقاد القمة الخليجية في العلا بالمملكة العربية السعودية بحضور القادة الستة -كما نأمل- ردًّا حازمًا ومباشرًا على من راهن على الخلافات بين دول المجلس، وتأكيدًا مجددًا على أن خليجنا واحد، وأن القواسم المشتركة بين دوله إنما تمثِّل حقيقة العلاقات التاريخية التي تجمعهم، والظروف المتشابهة التي تحمي هذا التكتل من أي خلل أو اختراق لا يخدم المصالح المشتركة.
* *
ومع اقتراب موعد انعقاد القمة (تُعقد غدًا) فقد سبق توقيت انعقادها تحضيرات واستعدادات وتهيئات لضمان خروجها بنتائج تنسجم مع توجهات القادة وتطلعات الشعوب، يحميها ويعزز نجاحها مجموعة من المصالح المشتركة، التي تحتاج إلى توافق، وإلى قرارات يُجمع عليها؛ كي تأخذ وضعها الطبيعي في التنفيذ.
* *
وما من شك أن القادة ما كان لهم أن يجتمعوا، ويتفق وزراء الخارجية على جدول الأعمال لهذه القمة، لولا أن هناك إرادة قوية، وتصميمًا على بلوغ أعلى درجات النجاح في معالجة الأزمات التي طرأت وأثرت في المزاج الخليجي، وكبّلت المجلس من أن يأخذ القرارات التي تتناغم وتتناسب مع ثقة المواطنين الخليجيين بمجلسهم، وقناعتهم بأنه لا خيار ولا بديل عنه.
* *
إذًا، نحن الآن أمام حدث مهم، وننتظر معه أن تهل علينا الأخبار السارة، في أجواء تعكس حالة من الارتياح لما سيكون عليه الاجتماع غدًا، في ظل مرحلة جديدة من عمر المجلس، ومن تحديات يمكن التغلب عليها من خلال هذا التكتل الذي غابت بعض قراراته المصيرية والمهمة خلال السنوات الأربع الماضية.
* *
وحتى كتابة هذا المقال فإن أي دولة من دول المجلس لم تعلن اسم مَن سيمثِّلها في هذا الاجتماع. وقد جرت العادة في كل القمم السابقة تأجيل تسمية مَن سيحضر أي اجتماع لأي قمة إلى آخر يوم يسبق عقدها. والأمل أن يكون الحضور ممثلاً بقادة الدول؛ فمستوى التمثيل يزيد الثقة لدى مواطني المجلس بالنوايا الطيبة والحسنة التي تسبق عقد الاجتماع.
* *
وليس من باب المصادفات أن يكون الاجتماع في المملكة في وقت تكالبت فيه المؤامرات على دول المجلس؛ فعقده بالمملكة، والدعوة إليه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، يُظهر إلى أي مدى تحرص المملكة على وحدة الصف الخليجي، ولَمّ شمل الخليجيين، ووأد الفتنة، وبداية عهد جديد للمجلس، يقوم على التفاهم والحوار، وتجنيب دولنا وشعوبنا أيَّ تآمر يمس مصالحها. وهي ثوابت يؤمن بها ويجمع عليها جميع قادة الدول الخليجية، وتسندها شعوب هذه الدول.
* *
كل ما نتمناه، ونحن بانتظار فتح الأبواب لدخول القادة إلى قاعة الاجتماع، حيث يعقد غدًا في محافظة العلا لاستعراض الملفات المعروضة عليهم، وأخذ القرارات المناسبة بشأنها، أن يعود الصفاء، وتحضر النوايا الطيبة، ويكون هذا الاجتماع فاتحة خير لما هو أفضل وأكثر مصلحة لدولنا وشعوبنا؛ فالمرحلة لا تحتاج إلى مزيد من الانتظار، أو التردد، أو القبول بما هو أقل من التصالح والإخاء، وبذل الجهد الجماعي لتحقيق التنمية الشاملة في ظل أمن وسلام واستقرار، تنعم به دولنا وشعوبنا.