تعقد قمة قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في الدورة الحادية والأربعين في محافظة العلا في المنطقة الغربية للمملكة العربية السعودية، في ظل تحديات أمنية واقتصادية، فرضتها تطورات إقليمية وعالمية في غاية الخطورة، زادها تعقيداً وضع اقتصادي فرضته على دول العالم جائحة كورونا ( كوفيد المستجد - 19 ).
الحقيقة أن خليجنا العربي لم يرتح منذ عقود ولا يزال مستهدفاً في استقراره ومقدراته وأمن شعوبه، منذ إنشاء منظومة دول مجلس التعاون الخليجية العربية في مايو عام 1981 من القرن الماضي.
نشأته جاءت في ظل تحديات أمنية عصفت بالمنطقة خلال الحرب العراقية الإيرانية وفي ظل أيدلوجيا الدم التي تبناها النظام الإيراني من خلال إستراتيجيته المدمرة لشعبه أولاً ولشعوب المنطقة فيما سمي لاحقاً بتصدير الثورة.
لم يختلف الوضع الآن على ما كان عليه منذ أكثر من أربعة عقود، بل أن الثورجية المرتدية للباس التطرف وإلغاء الآخر قد تحصنت بميليشيات مسلحة تعدت حدود التهديد الثقافي والإعلامي.
لهذا لا يزال التحدي الأمني قائماً، بل ازداد خطورةً، وكما نجح قادتنا في الماضي، سينجحون الآن بإذن الله بتجاوز هذه المحن التي تهدد أمن واستقرار شعوبهم.
هذه المرة بتقديري الوضع مختلف، بل يمكن أن يشكل أكثر ارتياحاً للقرار الصائب الذي سيتخذه زعماؤنا ومسؤولونا المختصون.
كيف ولماذا؟
الجواب يكمن بوعي الشعوب الخليجية التي دفعتها الأحداث منذ الثمانينات من القرن الماضي وما سبقها من تحدي خطاب ثورات القومجية في الستينات والسبعينات إلى خطابات الصحوة مروراً بجماعات الإرهاب والتطرف وانتهاء بالفوضى الخلاقة من خلال بوابة ثورات الربيع العربي، وفي حقيقته امتداد لمسيرة الاستهداف المقصود لتدمير الأمة وزيادة آلامها.
لهذا فإن التطور الإيجابي هو أن الشعوب متناغمة مع حكوماتنا في مواجهة تصدير الخراب أو ما يسمونه أهل الأيدلوجيات الباطلة بتصدير الثورة.
هذا الوعي الشعبي الخليجي، هو الذي يدعم زعماءنا وقادتنا في إصدار القرارات الصائبة لمواجهة التحديات الأمنية والمتواصلة منذ سنوات والتي تم إفشالها في أكثر من موقع.
التحدي الآخر الذي لا يقل أهمية عن التحدي الأمني، ألا وهو التحدي الاقتصادي من تحويله من ريعي يتكئ على ما تقدمه ميزانيات الحكومات من بيع النفط والغاز إلى اقتصاد منتج يساهم بالإنتاج القومي ويكون بديلاً عن سلعة النفط التي ستنضب يوماً ما عساه ألا يكون قريباً، قبل تحولنا إلى شعوب منتجة.
صحيح أن جائحة كورونا قد عطلت أو أخرت خطط التنمية على مستوى العالم ونحن لسنا استثناء من هذا العالم، إلا أن لدينا تجارب ناجحة في اقتصادين لعاصمتين وهما الرياض وأبوظبي، فقد قطعا شوطاً مهماً في تقليل الاعتماد على سلعة النفط في الموازنة العامة أمام الاستثمار في مجالات أخرى.
يمكن اعتبار التجربتين رغم ظروف جائحة كورونا، أساساً للمضي قدماً في اقتصاد خليجي متكامل وجيد، يصب في محصلته النهائية برفاهية شعوب المنطقة ويدعم استقرارها ووحدتها.
هذا أيضاً لا يكفي ونحن في طريق مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية من أمنية خطيرة واقتصادية أخطر، ما لم نكسر حاجز عدم الثقة بيننا، وهذا يتطلب شفافية ووضوحاً واعتبار أن المصير مشترك.
وفق الله قادتنا وهم يجتمعون عند حضرة الأخ الكبير والأب الحاني لنا شعوب الخليج العربية خادم الحرمين الشريفين الملك الجليل سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين الشاب الطموح أمل الأمة في نهضتها الثانية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظهما الله ورعاهما- .
ولا نقول أملنا كبير، بل أملنا دوماً متجدد ووهاج وحاضر في ظل حكمة الكبار الذين نجحوا في تجنيبنا الشرور وما يحاك لنا في دوائر الظلام.. اطمئنوا شعوب الخليج، فأنتم في سفينة الخير يديرها ربان ماهر وحكيم.
** **
خضير العنزي - عضو مجلس الأمة الكويتي السابق