عبدالعزيز السماري
أثار حديث حسن نصر الله في مقابلة مع الإعلامي غسان بن جدو مشاعر المسلمين السنة في سوريا، فقد صرح أن إيران وفرعها اللبناني كانا خلف جر روسيا إلى سوريا، ثم العمل من خلال منظومة إجرامية لطرد وتهجير سنة سوريا، وهو ما أدى إلى رفع الدوافع الانتقامية عند هذا الشعب الذي عانى الأمرين بسبب ما حدث..
ما جرى هو تحريض لارتفاع الرغبة في الانتقام، وعندما يكون الدافع هو للسعي للانتقام، فعادةً ما يكون ذلك بدافع من الشعور بالإنصاف إذا تم ارتكاب الظلم بوحشية، فالسبيل الوحيد لاستعادة التوازن في الكون الأخلاقي هو إذا دفع المذنبون ثمن ما فعلوه، لذلك لن تسود العدالة حتى يتألم أولئك الذين تسببوا في المعاناة.
لذلك، فإن الرغبة في الانتقام غالبًا ما تكون مدفوعة بالحقد والمرارة، وحتى عندما يكون الهدف مشرفًا والسبب عادلًا، فإن الانتقام لا محالة قادم، ويمكن أن يخلق المزيد من المعاناة والظلم في الجانب الآخر، وهو ما لا يعيه الأذناب والعملاء للقوى خارج الوطن، وما لا يفهمه المتطرفون الطائفيون، فهم يعتقدون أن التاريخ سيتوقف عند آخر ما فعلوه في سوريا، بينما هم يدركون أن السياسة عالم متغير، وأن الذين وقع عليهم الظلم مثلما حدث في سوريا لن ينسوا ما فعلوه من تهجير وقتل بسبب دوافع طائفية..
تقوم العقيدة الاثنى عشرية على فكرة المظلومية، فهم يعتقدون أنهم مظلمون تاريخياً، وقد يفسر ذلك المذابح في سوريا، فالفكرة الأساسية كانت مجرد غطاء حول غول طائفي متوحش، والعمى الأيدولوجي جعلهم يتحولون إلى موقع الظالم والرغبة في الانتقام من شعب مسالم، كان يطالب فقط بحقوقه المشروعة..
الانتقام بحد ذاته يمثل مشكلة أخلاقية، لكن الأخلاق والمثل تختفي عندما تكون الجريمة في حجم ما فعلوه في الشعب السوري المسالم، لذلك يتم تبرير الانتقام على أنه «عادل» بطريقة ما، فقط من خلال الدافع القوي للانتقام، ويمكننا أن نفهم حقًا الدافع وراء العقوبة الانتقامية عندما يتعرض المجتمع للإهانة أو الظلم من قبل أقليات.
المصيبة أن يعتقد هذا المتطرف أن ما فعله هو العدالة، ويدل ذلك على اختلال في منظومة القيم الإنسانية، وأنه شخصية مضطربة، ومؤثرة في أتباعه، وتقوم على أفكاراً دموية، يجب محاربتها، فقد أفسدوا بنية العقل المتصالح، وأفسدوا العلاقات بين الشعوب المسالمة في الشام، والذي كانت مثالاً على التسامح خلال قرون، لكن العمى الطائفي وتبعيتهم للغزاة المتطرفين في إيران جعلهم في موقف لا يحسدون عليه، فالتاريخ لا يرحم، وسيأتي وقت تتحقق فيه العدالة مهما طال الزمن..
ختاماً.. وصلت مشاعر الانتقام إلى أوجها بين أولئك الذين دفعوا ثمناً باهظاً في سبيل حريتهم، لذلك يجب أن يتم تصحيح تلك المفاهيم إلى المطالبة بالعدالة بدلاً من الانتقام، فما فعلته إيران وحزب الله في سوريا جرائم أشبه بجرائم النازية، ولذلك يحب أن يقوم العالم بدوره كما فعل في زمن النازية، وأن يتم تحقيق العدالة قبل أن تتفجر مشاعر الانتقام، وإذا لم يقم العالم بدوره سيكون المستقبل مسرحاً دموياً في الشام..