محمد آل الشيخ
قصفَ الحوثيون مطار عدن مستهدفين الحكومة اليمنية الجديدة، التي كانت تستقل طائرة حطت في المطار قبيل دقائق من القصف، نجا المستهدفون جميعاً، وتم قتل 25 وجرح ما يزيد عن مئة جميعهم مدنيون أبرياء كانوا في صالة المطار. هذه الجريمة لو تم إصابة من استهدفوا فعلاً كانت ستعيد القضية اليمنية برمتها إلى المربع الأول، وهو ما يهم الحوثيون، فبقاء الحرب الأهلية مشتعلة هي غاية الحوثيون وهدفهم، لتستمر الحرب والاعانات تتدفق عليهم، وتمتلئ جيوب القادة الحوثيين بالأموال، ريثما يسيطر الحوثيون منفردين على اليمن كاملاً، في حين أنها لو وصلت السفينة اليمنية إلى بر ٍ آمن لتوقفت الحرب، وتحول الصراع اليمني إلى صراع سياسي وليس عسكريا، وفي هذه الحالة ستكون ميليشيات الحوثيين ومعها الإيرانيون أول الخاسرين. ولا أعتقد أن مراقبا منصفا وليس له أغراض أخرى سيتهم غير الحوثيين بهذه الجريمة، فهم منفردون المستفيدون من نتائج هذه المحاولة، وفي علم التحقيق الجنائي -كما يقولون- اعرف من هو المستفيد تمسك بأول الخيوط التي تقودك إلى المتهم. والسؤال : هل ثمة مستفيد من هذه الجريمة غير هذه الميليشيات الإرهابية؟
الحوثيون طبعاً تبرأوا من المسؤولية، وأنكروا علاقتهم بها، لأنهم يعلمون يقيناً أنهم لو اعترفوا بمسؤوليتهم عنها فإن ذلك دليل كاف من شأنه أن يكون سبباً لتصنيفهم عالمياً بأنهم (تنظيم إرهابي).
الإيرانيون هم من دفعوا الحوثيين في البداية للانقلاب الذي أطاح بالحكومة الشرعية، كما أنهم هم من أمروهم باغتيال الرئيس علي عبدالله صالح، وهم كذلك الذين امدوهم بالصواريخ والطائرات المسيرة، وكل ما يتعلق بالذخائر والأسلحة، أضف إلى ذلك التدريب بمساعدة كوادر من حزب الله اللبناني، أما مصاريف الحرب النقدية، ورواتب الميليشيات، فتأتي من مصدر آخر، وجد أن من مصلحته إبقاء هذه الحرب الأهلية مشتعلة، وهو طرف جعل من مهامه إيذاء الآخرين، والإضرار بهم، وهذا الطرف غني بالشهرة عن التعريف، لأن إيران دولة شبه مُفلسة بسبب الحصار الذي فرضه الأمريكيون عليها، ما يجعلها غير قادرة فعليا على الاضطلاع بمصاريف الحرب النقدية، كما أن الأتاوت التي تتقاضها الميليشيات من السكان في الداخل، أضف إلى ذلك الرسوم الجمركية التي تتقاضاها على البضائع، لا تكفي ولو لتلبية جزء يسير من احتياجات الحرب النقدية.
ما تقدم يثبت أن هؤلاء القتلة المأجورين من الفرس هم حصرا المتهمون بالجريمة. أما القول بأن فصائل أخرى من فصائل الحرب الأهلية هم من اقترفوا هذه الجريمة الدموية البشعة، فاتهام يفترض من حيث المنطلق أن يكون هذا الفصيل، أو ذاك، انتحاري، يمارس عمليات عبثية مردودها يصب في مصلحة الحوثيين وإيران.
بقي أن أقول إن هذه العملية الارهابية المندفعة، والبشعة، وغير المسؤولة، تؤكد أن هذه الميليشيات لن توقف الحرب، ما لم تصنف عالميا على أنها (تنظيم إرهابي)، لأن هذا التصنيف سيجعل من يمولونها من غير الإيرانيين يخشون فيما لو استمروا في الدعم من تصنيفهم (جهة تساند الإرهاب)، وهو الأمر الذي يقض مضاجعهم، ويجعلهم يمتنعون عن الدعم، وبالتالي يضطر الحوثيون رغما عنهم الجلوس على طاولة المفاوضات.
إلى اللقاء