مها محمد الشريف
يدرك الفرد يقيناً أنه يحمل جوهراً واحداً لكل المحمولات، ويحصر اهتمامه في تحقيق أهداف تعدّ في غايتها مدهشة وفي مجملها العام والخاص اقتصادية، وما تقدمه الدولة لهذا الفرد بذل وعطاء وغاية في ذاتها وتيسير لكل الظروف، لترفعه من خصوصية الأنانية والانزواء إلى كونية تحقق له النظام والانسجام، وتشرّع القوانين وتعمل على تقليص التعارض في المجتمع الواحد، وتعمل على التنظيم الداخلي والخارجي وتحث على التمسك الأخلاقي لأنه غاية العمل السياسي.
لقد صنع العصر الحديث مخاوف الإنسان، عندما تطورت أدوات العنف تقنياً وهذا ما يقض مضجع العقل ويفقده السكينة والطمأنينة ويتلاشى معهما كيانه وصفة الحقائق كما يراها الآخر، وهذا التشارك قد غيّب بعضاً من الاعتدال في تقدير الأشخاص والأعمال، ولهذا السبب يتجذر الخوف في النفس البشرية إذا ما شعرت بانحسار وجودها ومحو مخاوفها واتزان هويتها وثقافتها.
إذا كان العمل الإرهابي يحبط كل محاولات السلام والوفاق في الدول، ونأخذ مثالاً على ذلك، التفجير الذي استهدف مطار عدن فكان جزءاً من الحرب التي تشن على الدولة اليمنية وعلى شعبها، وينصاع الشعب المقهور للخشية أكثر منه للأمل فهو يريد أن ينعم بالحياة ويسعى إلى العيش، بل يريد أن يفلت من الموت، وذلك على ضوء ما حدث للشعوب في نكباتها وأزماتها ومأساتها وقيام الحوثي المدعوم من إيران بتنفيذ الهجمات الشرسة على المواطنين وهي مهمة أعداء السلام.
لا أظن أن الإنسان لا يحب شيئاً من الحياة، ولكن تغذية الغرائز بالعنف يقضي بأن نتساءل هل أضحى العنف غريزة كما حدث لمقتل أم أمام أطفالها؟، وتفجير الأبرياء وقتل المارة، فقد تحدث فرويد في نظرياته عن غريزة أسماها غريزة العدوان، وفي هذا التصور اعتبر العدوان استجابة لمثير خارجي أكثر من كونه تصرفاً مستنداً إلى دافع داخلي، والحوثي رهن لإيران وهي الدافع الأول له.
حروب قائمة ومصائب كبيرة ترافقها أوبئة ما زالت تقتل الملايين في مختلف أنحاء العالم، وأحداث مختلفة ومتلاحقة هنا وهناك وتيارات عنف وإرهاب لم تنج منها دول العالم الغنية والفقيرة، وبما أن ردة الفعل تباينت وعجز الإنسان المعاصر عن فهم التوجهات المستقبلية، فكان التفاعل الاجتماعي يشير إلى مزيد من التفاعل والتعبير المؤثر فضلاً عن العديد من الدول التي عبرت عن وجودها بموضوعية في خضم صراع المتناقضات والرؤى المختلفة، وإن أسباباً مباشرة جعلت عمل الفرد منفرداً بين السلبية والإيجابية رغم التشابه وتوارث المشكلات، فإما تكون عزلة أو استعلاء أو قيادة لشيء خاص يحظى بالنجاح ويعد مجدياً في خدمة الدولة ويحقق المثالية.
ومن منطلق الحقوق التي تربط المواطن بالدولة لأنها قد ضمنت حقوقه وحريته وحافظت على ماله وممتلكاته وتولت حمايته، وهذا ما يبحث عنه الشعب اليمني وحكومته الشرعية، ما جعل ارتباطه بالتطور الاقتصادي وغاياته ووظائفه ووسائله ارتباطاً جوهرياً يتوقون لأن يكون حاضراً في كل أقسام الحياة اليومية، لأن السياسة العامة للخطط الاقتصادية اعتمدت على تنمية الاقتصاد والعمل الدؤوب على تيسير الأسباب التنموية ووضعها في قنوات الإنفاق الإنمائي.
بينما الحوثي أفسد استقرار هذا البلد، والمخاوف تساور المجتمعات المحاصرة بالحرب والتشرد والعنف الذي ينجم عن أعداء الأمة، فإن الحروب أصبحت أكثر دماراً ليس من سبيل لإيقافها إلا إذا تم إيقاف نشاط إيران الإرهابي والممول الفعلي لهذه الحرب، فالفهم الحقيقي يقضي على تجاهل تناقضات الواقع. بينما الذات غير عاجزة عن تهدئة مخاوفها وقلقها وتستطيع السيطرة إذا وجدت المساندة الحقيقية من العالم لتجريم اعتداءات هذه الميليشيات، توقاً إلى عالم أكثر استقراراً في خضم التطور المذهل في هذا الكون.