الهادي التليلي
تستعد الرياض في الخامس من يناير المقبل لاحتضان الدورة 41 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج لعربي الذي ستترأس البحرين دورته الحالية بكثير من الآمال التي تعلقها الشعوب الخليجية على هذه المنظمة التي تدخل عقدها الخامس بكثير من الإنجازات ترجمها الحجم الاقتصادي الذي صارت تتوفر عليه دول المجلس التي أصبح ناتجها المحلي يقدر بـ1.6 تريليون دولار، الأمر الذي جعل المنطقة سادس مصدر سلعي بصادرات تقدر بـ609.5 مليارات دولار سنة 2019 مجلس التعاون الخليجي بتنسيق وجهود أعضائه والإرادة الصادقة من إدارته وقيادات بلدانه حول الخليج العربي إلى قطب اقتصادي واجتماعي وثقافي هام ومنافس عالميا ولعل ما ساهم في ترسيخه وعمق نجاحاته وحدة اللغة والجغرافيا والمعتقد والمصلحة المشتركة التي صار أعضاؤه أكثر وعيا بها خاصة على أعقاب جائحة كورونا التي ألقت بظلالها على الكون برمته مما جعل العالم يتوجه نحو التكتلات الإقليمية وفق آليتي التضامن والتسامح قصد الخلاص الجماعي من آثار الجائحة ومخلفاتها على جميع الأصعدة.
مجلس التعاون الخليجي الذي ظهر للنور في 25 مايو 1981 وأعضاؤه: المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين وسلطنة عمان والكويت وقطر، كدول لها مشتركات أساسية هامة مثل التجاور الجغرافي والاشتراك في المصير و الثقافة واللغة ونظام الحكم الملكي يدخل عقده الخامس بدورة ينتظر منها شعوب المنطقة والعالم الكثير الكثير خاصة وأن شريحة الشباب التي تأمل في تحقيق أحلامها وهي التي تنتمي لكيان خليجي أثبتت التجارب والتاريخ قوته الاقتصادية والاجتماعية الشباب الذي ينتظر من هذه الدورة التفاتة تشبه لحظته التاريخية وكونه مفتاحا لمشاغله.
هذه الدورة التي جاءت في ظرف جيوسياسي عالمي أقل ما يوصف به أنه إشكالي بأتم معنى الكلمة، حيث يتحرك عقرب ساعة التنمية باتجاه الخليج العربي الذي لم يعد له من خيار بعد النجاحات القطاعية المحققة والتي كانت نجاحات المملكة العربية السعودية خير مثال لها من خلال تألقها الملفت في إنجاح قمة مجموعة العشرين التي كانت فرصة ليرى العالم قاصيه ودانيه ما وصلت إليه المملكة ودول الخليج العربي عامة من تطور وقدرة تنظيمية وثورة تقنية ومعلوماتية كانت الرياض خلالها عاصمة العالم ومسرحا حقيقيا لعرض نجاحات تعد نقاطا إيجابية هامة في السجل الذهبي لمجلس التعاون الخليجي.
دورة الولوج إلى الخمسينية لمجلس التعاون الخليجي والتي يتوقع أن تلج بشعوبها بابا أوسع على مستوى التقدم أكثر في ملف مفاوضات التجارة الحرة والذي هو بوابة حقيقية للنماء والتموقع التجاري العالمي ما يسمح للمنتج المحلي من تنافسية أعلى بعد التميز على المستوى المحلي بما يشبه ما وصلت إليه هذه الدول من تطور صناعي ضمنته المتحققات اللوجستية والتي تعد من أهم إنجازات المجلس المساواة بين الشركات الخليجية والسماح لها بفتح فروع لها في دول مجلس التعاون الخليجي تعامل معاملة الشركات الوطنية وتوحيد شبكة الربط الكهربائي الخليجي منذ 2014 سنة، المساواة بين مواطني دول المجلس في البورصة والأسهم، كما كانت بعض المنجزات الحمائية ومنها تركيز مكتب براءات الاختراع لمجلس التعاون الخليجي مع توفير حماية علمية وأمنية لمحتوياتها إضافة لجهود المجلس في الإيفاء لتحديات مشتركة خاصة منها جهود المجلس الأمنية والعسكرية الملفتة والمساهمة في أمن واستقرار المنطقة الدورة الحالية، والتي جاءت بعد تغييرات هرمية في كل من الكويت والبحرين وعلى إثر نجاحات بلدان المنطقة في التصدي لجائحة كورونا وهنا يستوقفنا المنوال السعودي في التعاطي مع الجائحة حيث كانت سندا للبشرية ماديا واجتماعيا في تخطي آثارها، وهو ما يكرس التمشي التضامني لقيادتها وما يعتبر خير مدخل لدورة يناير 2021 التي يتوقع لها أن تمضي أكثر نحو تحقيق أهداف وطموحات شعوبها من وحدة اقتصادية وثقافية ومالية بشكل مؤسسي كفيل بأن يكون صمام أمان أمام كل التحديات التي قد تعترض العالم و منطقة الخليج على وجه الخصوص.
الدورة الحالية تأتي حبلى بالطموحات بغد أفضل خاصة بعد الاكتشافات الحديثة للغاز بالمملكة العربية السعودية والتي تبشر بأن تكون المملكة والمنطقة ذات أكبر احتياطي عالمي في هذا المجال الطاقي رافعة سقف التوقع بأن الاتفاف حول الرهانات المشتركة ضمن كيان خليجي موحد يجعل دول مجلس التعاون الخليجي ككيان كوكب تنموي عالمي رائد منافس ومهيب.