ميسون أبو بكر
الحلقة التي أدارها الأستاذ إدريس الدريس على قناة روتانا وناقش فرسانها بجرأة السليمان والحيزان والعناد والبلوي -مع حفظ الألقاب- موضوع الإعلام السعودي بشفافية دعتني لكتابة هذا المقال، حيث اعتبر نفسي ابنة بارة للإعلام السعودي كرست حياتي لرسالة شرفني بها ولاة الأمر فتحولت العلاقة من مجرد وظيفة إلى توجه وعمل تعدى أن يكون مجرد أداء على الشاشة وتقديم بلا فكر وثقافة وجهد، وأشير أن زملائي من الإعلاميين الذين تركوا لهم بصمة في الإعلام كان شغفهم بالعمل الإعلامي هو سبيلهم للاجتهاد والاستمرار والمضي متجاوزين آنذاك الجانب المادي الضعيف والإمكانات البسيطة في عملهم.
طالب ضيوف الحلقة بإيجاد استراتيجية إعلامية واضحة، وعدم الدخول في مأزق الخلط بين التلفزيون والصحافة، والتعامل مع التلفزيون كصناعة كي لا تقع في فخ العشوائية، كما ضرورة أن لا تكون قرارات المسؤول فردية تلغي ما قبلها لأن الإعلام هوية دولة وليس توجه شخص ما، والمتميز يترك فيه بصمته الخاصة وتأثيره كما فعل اليوم فارس الإخبارية الذي أشاد د.عناد والدريس بجهده الواضح وما وصلت له قناة الإخبارية؛ الأستاذ فارس بن حزام الذي أطرب كلما استمعت للزملاء في القناة عن حماسهم وحديثهم عن القناة التي تحولت لخلية نحل. هناك أمور مهمة ترتقي بالإعلام السعودي وتجعله يمثل بجدارة دولة لها ثقلها في العالم وحضورها ومكانتها في المجالات المختلفة كوجود إعلام يخاطب الآخر بلغته، ولعل عودة القناة الإنجليزية بمقومات عالية واستراتيجية مدروسة يعزز وجود الإعلام السعودي الخارجي ويعيد شريحة المتابعين التي كانت تتابع عن كثب الأخبار والرسائل الإعلامية الموجهة عبرها وبخاصة وجود كفاءات من الشباب المتمكنة في اللغة الإنجليزية، يدعمهم فرق متميزة من الإعداد والشأن الفني، حيث هناك وسائل إعلامية - تنبح- وتسيء للمملكة بما أوتيت من كذب وتدليس، ومن شأن القنوات باللغة الأجنبية دحر اتهاماتها وإساءاتها.
وجود القنوات الترفيهية أمر مهم كما هو موجود حاليًا على قناة SBC وهي تخدم فئة الشباب بشكل كبير، وأشيد هنا أنها اهتمت بموضوعات مهمة كالسياحة المحلية وأماكن المملكة المختلفة، لكن يجب التنبه ألاّ تصبح نسخًا ضعيفة من برامج عالمية مستنسخة وشبابنا فيهم البركة للابتكار.
التدريب المتواصل لفرق العمل والإعداد والتقديم بشكل جدي وخبرات عالمية حقيقية لا تشبه تلك النسخ التي استعان بها التلفزيون سابقًا هي خطوات كبيرة لإعلام واعد يواكب سياسة المملكة وموقعها. ولعلي هنا أشير لموضوع مهم طرحه مقال للأستاذ خالد بن ققة الكاتب في صحيفة الرؤية الإماراتية، إذ أكد أن أهمية المملكة للعالم لا تأتي فقط من النفط (الجانب الاقتصادي والاستثماري) أو من موقعها الجغرافي فقط، فهي موقع العقيدة. وهو الجانب الروحي الذي تمثله المقدسات، وعلى الإعلاميين السعوديين أن يدركوا أنهم ليسوا كأيٍّ من الإعلاميين العرب والمسلمين، لذلك لا يحق لهم الاستغراق في المحلية، لأنهم وُجدوا في أرض تفرض عليهم العالمية. الكثير من المحاذير والأمور التي فرضتها مفاهيم خاطئة وسائدة قيدت المجتمع سابقًا جعلت الإعلام السعودي داخل نطاق ضيق لم تعد موجودة اليوم، وطرح المواضيع بشفافية وأفق واسع يحقق الكثير للإعلام السعودي، فما زال في ذاكرتي سفرنا عبر القارات للمتابعة والاحتفال بالشأن الثقافي، وذلك الكنز من المثقفين العالميين إضافة لمثقفين سعوديين شاركوا في رسم المشهد الثقافي العالمي، وهذا يعزز حضور اللإعلام الثقافي اليوم بعد غياب القناة الثقافية عن المشهد وأماني المثقفين بعودتها. خلال حديث شجون عن الإعلام وكمتخصصة في الإعلام الثقافي أقول إن الإعلام الثقافي جانب مهم لمواكبة ما يحدث اليوم، حيث تقوم وزارة الثقافة بجهود عظيمة ترسخ مفهوم الثقافة وتنقل المملكة بمشهدها للعالمية والإعلام قناة لكل تلك الجهود.