عبد الاله بن سعود السعدون
خليجنا الواحد بجذوره الإنسانية ومواقفه الموحدة أمام كل المصائب والأخطار التي كانت الحافز لقيام مجلسه الذي بلغ من عمره العقد الرابع، وشاهدت مسيرته العملية أحداثاً مأساوية كبرى حين تعرض الجزء الغالي من جسمه دولة الكويت للغزو، فاهتز ونهض كل الجسم الخليجي بعاصفة شديدة اشترك في ريحها الناري معظم الدول الصديقة لخليجنا العربي، وبقرارنا الشجاع الموحد اندحر العدوان الغاشم وعادت الكويت كما كانت شريكاً فعالاً في مجلسنا الواحد، التعاون الخليجي بيت الدول الستة المؤسسة له (سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية ومملكة البحرين ودولة قطر وبلادي الغالية المملكة العربية السعودية)، وتاريخها السياسي يسجل لها صفحات ذهبية في مسيرتها الموحدة للصف الخليجي والعربي، ونستذكر من المواقف الموحدة العديدة ما نتج عن مؤتمر الخرطوم والدور الشجاع للفيصل العظيم -أسكنه الله جناته- من توحيد الصف العربي بعد الفرقة والضعف الذي تلى نكبة حزيران وخرج المؤتمرون وهم أكثر وحدةً وتماسكاً وقوةً.
وهنا يتحتم علينا نحن أبناء خليجنا العربي أن نبعث بنداء العرفان والتقدير لجهود أمير الإنسانية والدبلوماسية الخليجية أمير دولة الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح -أسكنه الله جناته- لدوره الكبير في عرض المبادرات وتقريب وجهات النظر للوصول إلى حالة المصالحة بين الأشقاء وترميم البيت الخليجي العربي، فلدولة الكويت الشقيقة وقادتها المخلصين الدعوات الصادقة بالخير والرفعة والسلام...
بعد أن أدرك أبناء خليجنا العربي ما أحدثته الفرقة الخليجية من البعد والضرر بكل أعضائها، والتي ندعو الله أن تصبح تلك الأيام الخوالي من الماضي وتطوى صفحتها في جلسات مؤتمر الرياض القادم، والذي تتطلع لها كل أبناء الأمة بأمل وشوق من أجل لَمّ شمل البيت الخليجي وإعادة اللحمة لكل مؤسساته الإقليمية. ويأتي الدور الموحد الموروث لمملكتنا الغالية والتي تكظم الغيظ وتتجاوز بترفع المقتدر الشهم عن كل الأغلاط والضغينة الحاسدة بتمسكها بإيمانها المطلق بإسلامها الداعي للسلم والسلام وشيمها العربية المتأصلة المترفعة عن الصغائر والعفو عند المقدرة، وسيرى أبناء خليجنا العربي ومعهم أشقاؤنا في عالمنا العربي والإسلامي دور المملكة العربية السعودية وملكها المفدى خادم الحرمين الشريفين الملك المصلح سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -أمد الله في عمره- وساعده المخلص ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -نصره الله- بإعلان القرار الشجاع بردع الصدع في مجتمعنا الخليجي وعودة صفاء مياهه الدافئة ورفع راية الأخوة الخليجية الواحدة، وهو الأمل المنتظر في جلسات مؤتمر الخير في الرياض وتطوى صفحة التباعد عن علاقاتنا الأخوية بين دولنا الخليجية الشقيقة بعناق الإخوة والعهد بنسيان الماضي وأخطائه والنظر بعين المصلحة الخليجية العليا بيد مخلصة واحدة..
إن الذي يجمع شعوبنا الخليجية متشابهات عديدة بدءًا من جذور مجتمعاتنا الواحدة وموقعها الاستراتيجي جغرافياً وتطابق أشكال أنظمتها وتلاحم شعوبها بوحدة متراصة مع قياداتها المخلصة للوصول بها لشاطئ الخير والقوة والأمان.. وقد حان الوقت الملائم لترميم البيت الخليجي من هزات الماضي والتي لابد من تجاوزها بروح الفرسان والقيم العربية المتسامحة لطي ورقتها إلى الأبد والتسامي عن الأحقاد والضغائن من أجل المصلحة الخليجية المشتركة بكظم النفس وتخطي مواقع الزلل، وأن تكون رياح خليجنا الموحد تغطي جلسات مؤتمر الرياض في أرض العروبة والإسلام مملكتنا الغالية وشعبها المضياف الوفي، وينطلق صوت الحكمة وشجاعة القوة بتحقيق المصالحة المنتظرة بين الأشقاء وإدراك أن في الفرقة الضعف وما استغله الطامع الإقليمي والدولي من تحريض ليوسع الخرق ويدمي الجرح بابتزاز ثرواته ووضع قدماً طامعة على أرضه... وخليجنا العربي يمر من تحت عوائق صعبة نتيجة تداعيات جائحة كورونا الصحية والاقتصادية وارتفاع حرارة مياهه بالمناورات العسكرية من حولنا مع تهور ملالي إيران وتهديداتهم المستمرة مع صنوف الضغوط الإقليمية والدولية مما يدعونا في مؤتمر رياض الخير والقوة في الخامس من يناير للسير نحو لَمِّ الشمل والعودة أقوى مما كنا عليه في السابق والعمل على المصارحة ومن ثم المصالحة المتينة القواعد والمستندة على الوعد بطي صفحات الماضي مع الثقة العالية والإيمان الكامل بوحدة المصير والاعتماد على الله سبحانه وقوتنا الذاتية الخليجية لوحدها وترسيخ عملنا المشترك لبلوغ أعلى مراحل القوة والتنمية والسلام لشعوبنا العربية الخليجية والوقوف صفاً موحداً أمام الأطماع الإقليمية والدولية تحت شعارنا الخالد، خليجنا واحد وشعبنا واحد وللأبد بعون الله.