د.بكري معتوق عساس
في صيف عام 2018م قمت برحلة إلى مدينة (قران ثام)، في مقاطعة لينكون شير، لزيارة القرية التي ولد فيها صاحب الاختراعات التي غيرت وجه العالم، السير (إسحاق نيوتن). عند وصولي إلى المدينة ذهبت إلى قرية على بعد ربع ساعة، غالبية زوارها تلاميذ مدارس من الكوريين واليابانيين والصينيين. المكان منزل (نيوتن) والحديقة التي بها الشجرة التي سقطت منها التفاحة التي كانت سبباً في اكتشافه لنظرية الجاذبية الأرضية، تم وضعها داخل سياج خشبي دائري بعيداً عن المتناول. حتى الأطفال تم تهيئة مكان لهم يحاكي ما قام به نيوتن من اكتشافات إضافة إلى مكتبة بها كتب ومطبوعات عن المكان وكشك لتقديم بعض المشروبات. الدخول برسم قدره 20 جنيهاً استرلينياً للشخص الواحد، البرنامج يشمل عرضاً مرئياً يحكي عن حياة وإنجازات نيوتن وجولة بمصاحبة أحد المرشدين ومشاهدة الأدوات والمناظير التي كان يستخدمها والتي كانت من صنع يديه إضافة إلى الغرفة التي زاره فيها عالم الفلك البريطاني الشهير -هالي- وكان نيوتن يقضي أغلب وقته فيها لحل المعادلات الرياضية التي كان بعضاً منها مكتوباُ على الجدران بخط يده، إضافة إلى رسالة من والدته له عندما كان في الجامعة تستفسر فيها عنه والتي استخدم خلفيتها في كتابة حل بعض معادلاته الرياضية. في الغرفة نفسها بدأ كتابة كتابه الشهير-المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية - الذي نشره في عام 1687م، والذي يعد من أهم الأعمال في تاريخ علم الفيزياء والرياضيات والفلك، الذي قال عنه العالم الفرنسي (لا بلاس): «إنه الكتاب الوحيد الذي كشف لنا القانون الأعظم للكون».
الطريف في الأمر أن نيوتن بعد تخرجه من جامعة (كامبريدج)، أغلقت الجامعة أبوابها كإجراء وقائي لانتشار مرض الطاعون في بريطانيا عام 1665م الذي استمر لمدة سنتين وتسبب في وفاة ما يقارب 25 في المائة من سكان مدينة لندن. عندها قرر (نيوتن) العودة إلى منزل ومزرعة والديه في القرية وفي هذه الفترة استطاع نيوتن أن يحول هذه الظروف الصعبة إلى مرحلة ذهبية في حياته واستطاع خلال هذه المدة أن يظهر كعالم فذ في مجالات عديدة، لدرجة أن البرفيسور الأمريكي -مايكل هارت- قام بتصنيفه على أنه الشخصية الثانية الأكثر تأثيراً في التاريخ البشري وذلك في كتابه الشهير (المئة شخصية الأكثر تأثيراً في التاريخ)؛ وكانت الشخصية الأولى في الكتاب هي لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم.