عبدالعزيز العقل
تشهد منطقة الشرق الأوسط اهتمامًا كبيرًا بالسوق العقارية الحديثة والذكية، التي باتت تنتشر بسرعة كبيرة من بلدٍ لآخر ومن منطقة لأخرى نظرًا لإقبال المستثمرين والأفراد عليها. فمنها المشاريع السكنية والسياحية والخدمية، ومنها التجارية والصناعية. ومع الإقبال الكبير الذي تشهده هذه السوق المهمة، رأينا مدنًا جديدة تظهر لأول مرة على الخريطة في بعض الدول، ما ساعد هذه الدول على التوسع في النمو وتعزيز الدخل الاقتصادي للدولة.
والمملكة العربية السعودية ليست بمنأى عن هذا الاتجاه - الاستثمار العقاري - الذي أضحى سائدًا وملحوظًا بشكلِ كبير في بلدان مثل الإمارات العربية المتحدة ومصر والأردن وسلطنة عمان، وغيرها. فبعض هذه البلدان أضافت إلى جغرافياتها مدنًا كاملة جديدة، سواء سكنية أو ترفيهية أو صناعية أو تجارية، والتي تتطلب بدورها إقامة المرافق الخدمية مثل المطارات الجديدة والمستفيات والمدارس والجامعات وشبكات الطرق والكهرباء والصرف الصحي. ومن ثم، نجد أن القطاع العقاري يخدم ويسهم في تعزيز الكثير والكثير من القطاعات الأخرى، سواء بشكلٍ مباشر أو غير مباشر.
وقد تضمنت رؤية المملكة 2030 محاور مهمة لتطوير والاهتمام بالقطاع العقاري، نظرًا للتحول الكبير الذي تشهده الدولة والأهداف الاستراتيجية التي وضعتها لتقليص الاعتماد على مصادر الدخل النفطية وتعزيز القطاعات غير النفطية.
فمع وجود نحو 67 في المائة من المواطنين السعوديين دون سن الـ35، يتزايد الطلب على العقارات السكنية، نظرًا لإقبال الكثير من الشباب على الزواج والاستقلال عن العائلة بتملك منزلِ جديد. كما أن التحول الرقمي الذي تشهده المملكة وفتح أبواب الاستثمار على مصراعيها وتسهيل وتذليل العقبات كافة لجذب الاستثمارات من داخل المملكة وخارجها، نجد طلبًا متناميًا على المساحات المكتبية والعقارات التجارية والصناعية.
وقد أدى هذا بدوره إلى زيادة الخدمات المصرفية المقدمة لهذا القطاع الحيوي، حيث ارتفع التمويل العقاري السكني الجديد المقدم من المصارف للأفراد إلى 13 مليار ريال بنهاية شهر سبتمبر 2020 . ولدعم هذا القطاع الرئيسي، اهتمت قيادتنا الرشيدة بتقديم المزيد من التسهيلات لتشجيع النمو في السوق العقارية بالمملكة، حيث أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله، قرارًا في أكتوبر 2020 بإعفاء الصفقات العقارية من ضريبة القيمة المضافة الـ15 في المائة وفرض ضريبة 5 في المائة فقط، يعفى من دفعها المسكن الأول الذي تصل قيمته لنحو مليون ريال.
وتسعى المملكة العربية السعودية، من خلال أهداف رؤية 2030، إلى زيادة ملكية المواطنين السعوديين للمساكن إلى 70 في المائة بحلول عام 2030، مع مواصلة إعفاء إيجارات العقارات السكنية من ضريبة القيمة المضافة. كما وضعت الهيئة العامة للعقار في وقتٍ سابق من هذا العام استراتيجية شاملة للقطاع العقاري تهدف لتعزيز جاذبيته ومرونته ليتميز بالثقة والابتكار، حيث تركز الاستراتيجية على أربع ركائز رئيسية، هي حوكمة القطاع، وتمكينه واستدامته، وفاعلية السوق، وخدمة الشركاء. كما عملت الهيئة على تطوير العديد من المبادرات والتشريعات التي تساهم في تطوير هذا القطاع الحيوي بالمملكة.
وقد أدى هذا إلى ظهور كم هائل في الفرص الاستثمارية في هذا القطاع الواعد، الذي يعد أكبر سوق عقارية في منطقة الشرق الأوسط، إذ يبلغ حجمه 1,3 تريليون ريال سعودي مع التوقعات بوصوله إلى 1,5 تريليون ريال خلال السنوات القليلة المقبلة.
ويأتي مشروع القدية، عاصمة المملكة المستقبلية للرياضة والترفيه والفنون، ليساهم بدور فاعل في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 على الأصعدة كافة، حيث ستتضمن مدينة القدية الكثير من الخدمات العقارية، سواء السكنية - مثل الفلل والشقق والمجمعات السكنية، أو السياحية والضيافة - مثل الفنادق والمنتجعات والشقق الفندقية، أو التجارية - مثل المولات ومتاجر التجزئة والمطاعم والمقاهي، أو الصناعية - مثل المستودعات ومرافق الخدمات اللوجستية، أو الخدمية - مثل المدارس والمستشفيات، أو الرياضية - مثل الصالات والمرافق الرياضية وحلبات سباق السيارات والدراجات النارية وملاعب الجولف، أو الفنية - مثل صالات العرض والمسارح والمدينة الإبداعية، أو الترفيهية - مثل وجهات الألعاب.
فالقدية ليست مدينة فحسب، وإنما هي تجسيد ونموذج مصغر لمختلف أهداف رؤية المملكة 2030، لما تتضمنه من قطاعات مختلفة، مثل الترفيه والرياضة والفنون والتطوير العقاري والتجارة والصناعة وغيرها، سيتم تطويرها وتوفير آلاف فرص العمل لشباب وشابات المملكة سواء في قطاعات تقليدية أو مطورة أو مستجدة.
** **
- المدير التنفيذي - الحركة والتشويق - شركة القدية للاستثمار