خالد بن حمد المالك
وامتداداً لحديثنا عن القمة الخليجية في دورتها الواحدة والأربعين، وما سبق انعقادها المحدد بتاريخ 5-1-2021م من تحضيرات مهمة بهدف إنجاحها، في ظل ظروف وتحديات تتطلب مواجهتها بالعزم والإصرار والتوجه الحكيم والعاقل نحو ما يعزِّز قوة ومكانة مجلس التعاون، ويقوِّي اللحمة بين دوله، ويضع قادتنا وشعوبنا أمام مرحلة جديدة غير عادية من التعاون ووحدة الهدف والصف في السياسات والمواقف، وبالتالي حشد الطاقات لبناء وتفعيل الدور المستقبلي الذي انتظرناه طويلاً.
* *
القصة أو الحلم أو المشروع المنتظر أن تكون العلاقات بين دول الخليج أعمق من التعاون، وأكبر من التنسيق، وأهم من التفاهمات، وأقدر على الثبات أمام التحديات ليس بإزالة ما يعيق قوتها من الطريق فقط، وإنما إلى التخطيط لعلاقات أكثر إخلاصاً وجدية وصدقاً، علاقات واضحة، لا تشوبها شائبة، ولا يعكِّر صفوها في المستقبل تصرف يؤثِّر سلباً على ما يتوقّع أن تخرج به قمة الرياض الخليجية من قرارات، فهذه فرصة أمام قادتنا قد لا تتكرر ليمهدوا الطريق نحو حدث خليجي مهم، بغير الصور النمطية، والأسلوب التقليدي، إلى ما هو مبهج وسار في التوجه نحو الجديد في العلاقات الخليجية التي يقودها الملك سلمان بن عبد العزيز.
* *
أعرف وتعرفون أن القرارات المصيرية تحتاج إلى توافق، وإلى اتفاق، وإلى تنازلات، وإلى تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة لجميع الدول، ووفق هذا الانطباع والتصور للحلم بعهد جديد من العلاقات بين دول المجلس، فإن الرياض - وهي بيت الخليجيين - ستعمل على إذابة كل ما يعيق تحقيق هذا الأمل، وسوف يسعى الملك سلمان في تقريب وجهات النظر، بما يلبي مصلحة الجميع، وقناعة جميع القادة، حرصاً على مصلحة دولنا، تآلفها، والتنسيق فيما بينها، وصولاً إلى الأهداف المشتركة، بحيث تكون قرارات المجلس لديها القوة والمنعة في الصمود أمام كل التحديات حاضرها ومستقبلها.
* *
لقد مرَّ المجلس بمحطات كثيرة خلال العقود الأربعة التي مرت منذ إنشائه، صاحبها الكثير من الإنجازات، والقليل من الإخفاقات، وظل بقراراته يحمل الكثير من الرغبة في توحيد الموقف الخليجي، والتنسيق بين دوله، وإيجاد شراكات أفادت الجميع، لكن طموحات القادة والشعوب كانت أكبر مما حققه المجلس، ولا تزال تتطلع إلى المزيد من الإنجازات، وتذليل العقبات لتحقيق ما لم يتم تحقيقه، وفي اجتماع الرياض القادم هناك مؤشرات على أنه يتجه أولاً نحو إذابة الجليد في التباين في وجهات النظر، ثم الدخول في مناقشة الموضوعات المدرجة في جدول أعماله، وخاصة ما كان مؤجلاً النظر فيها خلال الظرف الاستثنائي الذي مرَّ به المجلس خلال السنوات الأربع الماضية.
* *
وما نريده من مجلس التعاون لدول الخليج، ونتطلع إليه من قادتنا أن تتحرَّر منطقتنا الخليجية العربية من التدخلات الأجنبية، وأن تنأى بنفسها عن التعاون المشبوه مع أي دولة لا تضمر غير الشر والأطماع بدولنا، وأن يكون الحوار البناء والصادق وسيلة دولنا في أي موقف خلافي، أو عند بروز وجهات نظر متباينة، بعيداً عن التصعيد، وأن توظَّف وسائل الإعلام في دولنا بما يوحِّد الكلمة ولا يفرِّقها، بأسلوب راقٍ، وكلمة منصفة، واعتماداً على الحقائق، وأن يسمو إعلامنا عن تلك الفرقة، ويمنع عن الابتذال في تقديم برامجه، ولا يسمح له بافتعال القصص غير الحقيقية عن أحداث وقضايا وهمية ولا وجود لها.