د.إبراهيم بن عبدالله المطرف
يعقد المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، قمته المقبلة بالرياض، وسط تنبؤات خيرة، وفِي وقت تتوسع فيه علاقات دول المجلس بالأسرة الدولية، بشكل مستمر وملحوظ.
ومنذ إعلان قيام المجلس في مايو 1981 وحتى وقتنا الحاضر، سارت العلاقات بين دول المجلس والمجتمع الدولي بخطى متنامية، تحكمها الرغبة الجادة في تطوير العلاقات والمصالح المشتركة، وحفظ الأمن والسلم لهذه المنطقة، التي تشكل أهمية استراتيجية للعالم أجمع.
ويلاحظ المتتبع لنمو العلاقات بين دول مجلس التعاون والمجتمع الدولي، وما يشهده العالم من تغيرات ومستجدات، وتوسع في الإطار الاستراتيجي للمصالح، أن علاقات المجلس باتت أكثر حضورًا في العلاقات الدولية، وفي أجندة السياسات الخارجية، وأصبحت دول مجلس التعاون تنظر إلى علاقاتها مع العالم برؤية براجماتية، تستند إلى المصالح المشتركة، وتوظف كل العناصر التي تمتلكها، لتعزيز موقعها ومكانتها في إطار تلك المصالح.
ويمكن القول إن علاقات المجتمع الدولي بدول المجلس، تمثل علاقات متعددة الجوانب، تتسع لتشمل فضاءات مختلفة، في مجالات السياسة والأمن والاقتصاد والاستراتيجية، (وأن) توسعها يزداد يومًا بعد يوم.
هذا ويرتبط مجلس التعاون بعلاقات وثيقة مع دول شقيقة وصديقة عديدة في مناطق مختلفة من العالم، ويسعى جاهداً إلى تقويتها وتطويرها على الدوام، في وقت تحظى فيه «منظومة» مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بتقدير كبير من المجتمع الدولي، لمكانتها ومساهماتها الصادقة في تحقيق السلم الدولي، إضافةً لتبنيها سياسات خارجية تقوم على مبادئ الاحترام لسيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها، وتسوية النزاعات سلماً، ما جعل لدول المجلس أهمية كبيرة في السياسة الإقليمية والدولية.
وتمشياً مع الجهود المميزة في توطيد علاقات دول المجلس بالعالم، خاصة في ظل استمرار صعود دول المجلس خلال السنوات الأخيرة، وفِي ظل المتغيّرات والمستجدات المتلاحقة، فإن الكاتب يجده لزاماً عليه القول إن الدور «الأهلي» في خدمة علاقات المجلس الدولية، بات مطلباً ملحاً، مطلباً يطرح على المهتمين بمكانة دول المجلس، (ابتكار أشكال) جديدة من العمل «الأهلي» لمزيد من الإسهام في تثبيت تلك المكانة على كافة المستويات، وفِي جميع المجالات.
ومن هذا المنطلق، فإن شعوب دول المجلس يتطلعون إلى دور طموح يليق بالمجتمع «الأهلي»، وهو دور تستدعيه طبيعة المرحلة الراهنة، وتتطلبه تحديات اللحظة التاريخية إقليميًا ودوليًا، وبما تطرحه على المجلس من قضايا ومستجدات، الأمر الذي يستنهض قدرات وجهود وطاقات المجتمع «الأهلي»، دعماً لتوجهات دول المجلس الرسمية في علاقاتها الدولية.
ويرى الكاتب (أن) الكثيرين قد يتفقون معه على (أن) عملنا «الأهلي» في مجال العلاقات الدولية للمجلس، بات بحاجة لأداء «مؤسساتي» يخدم الجهد الرسمي، توسيعاً لأشكال وأدوات وآليات الدبلوماسية الناعمة لدول المجلس، وقدراتها في توثيق علاقاتها بدول العالم.
وفي هذا الصدد، يرى الكاتب ضرورة دعم الأمانة العامة لمجلس التعاون، للمناسب مما يطرح من توجهات «أهلية» تسعى إلى إقامة جمعيات تمثل «المجتمع الأهلي» في دول المجلس، تعمل جنباً إلى جنب مع الأمانة العامة، ومن خلال أداء مؤسسي منظم ومستدام في دعم توجهات المجلس، في تعزيز علاقاته بالمجتمع الدولي، أملا في أن يوصلنا ذلك في المستقبل المنظور إلى مرحلة متقدمة من التنسيق والتعاون «الأهلي الرسمي المشترك» الذي يدعم وبقوة، علاقات دول المجلس بالآخر.
ولا يخفى على القارئ الكريم، حقيقة (أن) شعوب دول المجلس، كانت ولا تزال وستستمر في تطلعاتها لتحقيق «الاتحاد» الذي يتناسب ومتطلبات المرحلة، وأن كل ما يحدث على الساحة الخليجية والإقليمية والدولية من مستجدات وأحداث، لم ولن يضعف آمالهم، في اتحاد يرسخ وحدة التاريخ والروابط والمصير.
ويستذكر الكاتب في هذا الإطار، الدعوة الكريمة المخلصة من المغفور له بإذن الله تعالى الملك عبدالله بن عبدالعزيز تغمده الله بواسع رحمته، الدعوة التي أطلقها من خلال كلمة سامية في القمة الثانية والثلاثين للمجلس، والتي شدد فيها على التحديات التي تستدعي اليقظة، والزمن الذي يفرض الوحدة، مطالباً يرحمه الله، بتجاوز مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد.
ونختم بالقول بأن مكانة المجلس وثقله، كلاعب أساسي سياسي واقتصادي في الساحة العالمية، أمست رقمًا صعبًا في المعادلات الإقليمية والدولية، نتيجة قدرات دول المجلس الدبلوماسية في تنقية الأجواء، واحتواء الأزمات، وبلورة التفاهمات، من أجل استقرار العالم، وتعزيز أمن المنطقة، والإقليم على وجه الخصوص.
ولنا في القمة القريبة لمجلسنا الأعلى كبير الأمل وكثير التفاؤل، بمستقبل يحقق لنا شعوب دول المجلس الطموحات والآمال. بارك الله لنا في قادتنا، وأعانهم على خدمة أوطانهم وشعوبهم. ولا شيء على الله ببعيد، فهو المستعان، ونعم المولى ونعم النصير.