د.م.علي بن محمد القحطاني
طالعتنا نشرات الأخبار والصحف ووسائل التواصل الاجتماعي بخبر وصور تلقى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، الجرعة الأولى من لقاح كورونا (كوفيد - 19)، وذلك ضمن الخطة الوطنية للقاح (كوفيد - 19) التي تنفذها وزارة الصحة. ولم يقدم سموه على هذا الخطوة استغلالاً لنفوذه وتخطي للأولويات التى حدّدتها وزارة الصحة للفئات ذات الأولوية للحصول على اللقاح بمن هم فوق 65 عاماً وأصحاب المهن الأكثر عرضة للعدوى، بل ليطمئن شعبه بأن صحتهم من أولويات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين. وهو دليل عملي على ثقته في الأجهزة الصحية الوطنية التي اعتمدت اللقاح وبث الشعور بالطمانينة بين أفراد المجتمع للمبادرة بأخذ اللقاح ليكون هو القدوة وبهذه الخطوة قطع سموه الشك باليقين، فبعد أن كان العالم يموج في بحر متلاطم الأمواج من أخبار الفيروس ولقاحه عادت الأوضاع لتَسْتَكِنْ على الأقل في المملكة العربية السعودية كما أن أغلب دول العالم اعتمدت اللقاح ليتنفس العالم بأسره الصعداء بقرب زوال الجائحة واعتبار ذلك عيداً اتفق العالم على الاحتفاء به بعد إيجاد اللقاح الذي طال انتظاره ونسجت حوله القصص والروايات وبنيت عليه آمال وتطلعات، بل أحلام حتى أصبح شغل الناس الشاغل وبدأت الكثير من دول العالم الأول ومنها المملكة في بدء عملية التطعيم مع استمرار فئات من المجتمع رافضة له وبمناسبة احتفال الفيروس بعيد ميلاده الأول ها هو التاريخ يعيد نفسه، لكن في أوروبا وجنوب إفريقيا هذه المرة، حيث انشغل العالم منذ أيام بظهور سلالة جديدة من فيروس كورونا في كل من بريطانيا وجنوب إفريقيا ونيجيريا وبدأت التساؤلات تدور حول مدى خطورة كل من هذه الفيروسات المتحورة، وتأثيرها في المصابين... فهل هذا مجرد صدفة أم المقصود حث الفئات الرافضة والتي ما زالت مترددة في أخذ اللقاح وتلا ذلك إعلان العديد من دول العالم إيقاف الرحلات من وإلى بريطانيا وجنوب إفريقيا ولا أريد الخوض في نظرية المؤامرة التي أصبحت العصا السحرية لإيقاف أي نقاش بحجة عدم الإيمان بها على الرغم من أن المؤامرة بمعناه البسيط هو تخطيط أكثر من طرف أفراد أو كيانات أو دول لتحقيق مكاسب ومصالح حتى لو بإلحاق الضرر بأطراف أخرى وتختلف المؤامرات حسب حجم وتعداد أعضائها وأهدافهم التي تتنوع ما بين اقتصادية، سياسية،دينية، ومجتمعية فإذا تحدثنا عن المؤامرة الاقتصادية في جائحة كورونا وأقررنا بوجود الفساد الذي يضرب مفاصل كل مناحي الحياة في الغرب ومنها الإعلام وشركات تصنيع الدواء والأطباء والقائمة تطول، فالفساد لا يميز بين أصحاب الشهادات العلمية العليا وغير المتعلمين الأغنياء والفقراء وحتى رؤساء دول، كل حسب دوره وإمكاناته ونفوذه.
ومن الشواهد على وجود تخطيط مسبق:
- تضارب تصريحات منظمة الصحة العالمية، إذ تبدلت تصريحاتها ونصائحها الصحية في أكثر من مناسبة، كما تناقضت المعلومات وتضاربت البيانات في رسائلها الصحية المتواصلة.
- تضارب الإحصائيات في وسائل الإعلام عن أعداد الوفيات وبيانات اللقاحات يعني نفخاً كاذباً للأرقام على مستوى العالم.
- السعي لإبقاء العالم على صفيح ساخن بنشر أخبار عن المرض واللقاحات، فمن جهة زيادة الحالات وتحذيرات من موجات متعاقبة من زياد عدد الإصابات إلى طفرات في الفيروس وتحوره إلى فيروس أشد ضراوة، ومن جهة أخرى إلى أعداد من تلقوا التطعيم في العديد من الدول وعلى سبيل المثال أعلن المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض بأن أكثر من مليون أمريكي تلقوا جرعة أولى من اللقاح ضد كورونا.
بالمختصر هناك رابح في هذه المسألة وهناك من لا يزال يأمل في الوصول لمبتغاه وبصرف النظر عن كل ما ذكر فالعالم يبحث عن السلامة والتخلص من هذه القيود على الحريات وانعاش الاقتصاد العالمي وطالما أن الجميع سيدفع ثمناً بحثاً عن أي لقاح آمن وفعال لإخراج الإنسانية من دائرة جائحة فيروس كورونا المستجد أيا كان المستفيد وبتحليل الوضع، فهناك مخاطر محتملة في الحصول على اللقاح، ولكن المخاطر أعظم في حالة عدم الحصول عليه.
وللتأكيد فاللقاح وحده لا يعني نهاية جائحة فيروس «كوفيد - 19»، وإنما ستكون اللقاحات والتطعيم أداة رئيسة وقوية تضاف إلى مجموعة الأدوات التي تتوافر لدينا.. لكنها لن تقوم بالمهمة وحدها، ويتحتم علينا، ولأشهر عدة، وحتى يتم تطعيم العدد الكافي لإيقاف انتشار الفيروس استمرار الالتزام بالتباعد الاجتماعي، وغسل الأيدي، ولبس الكمامات.
رسالة الفيروس للبشرية أن نتعامل مع هذا الوباء كدرس للعودة إلى خالقنا والاعتراف بالهدف الحقيقي لوجودنا. وأن تتعامل المجتمعات بانسانية وعدل أكثر مما نحن عليه وأكثر حرصاً على حق العالم كل العالم للعيش بأمان.
ويحق لنا أن نفخر بما قامت وتقوم به حكومتنا الرشيدة في مواجهة كورونا وذلك بتقديم أفضل الخدمات. وما نراه اليوم من مكتسبات تحققت للمملكة منذ بداية الجائحة التي تمثلت بتكثيف الإجراءات الاحترازية الاستباقية، والتأكيد على أن صحة الإنسان أولاً والحرص على استمرارية الحياة والدورة الاقتصادية بالكثير من المبادرات فالشمس لا يمكن حجبها بغربال والمملكة أصبحت أنموذجاً يحتذى به على مستوى العالم في التصدى لجائحة فيروس كورونا (كوفيد ـ 19).