الاهتمام الشديد والعناية البالغة من قيادتنا الرشيدة -حفظها الله- على توفير الحصانة لكل فرد من أفراد المجتمع من الناحية الصحية، الذي بدا جلياً وباهتمام فريد منذ البدايات الأولى لجائحة «كورونا»، يُتوّجه وطننا اليوم بمرحلة مهمة مع استهلال الحملة التي ستكون على نطاق واسع للتطعيم باللقاح المضاد للفيروس «فايزر - بايونتيك»، كأكبر حملة تطعيم في تاريخ المملكة العربية السعودية.
مسارعة وطننا، وبتوجيهات قيادته الفاضلة، إلى استيراد اللقاح فور اعتماده من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، وتسجيله من قِبَل وزارة الصحة في المملكة، بعد موافقة هيئة الدواء والغداء بالمملكة عليه تبرهن على الأولوية القصوى التي تضعها من أجل ضمان سلامة المجتمع وصحته. وليقينها بما يمثله اللقاح من إجراء مهم في مسار التغلب على الجائحة، فقد كان لها السبق عالمياً ضمن الدول التي حرصت على توفيره ليكون متاحاً للجميع.
وتوفير لقاح «فايزر» إضافة إلى اللقاح السعودي الصيني «كيمارك» الذي دخل المرحلة الثالثة من التجربة السريرية في أروقة هيئة الغذاء والدواء وفي انتظار الموافقة النهائية، هو بلا شك برهان قوي، على ما يتمتع به القطاع الصحي في المملكة من قدرات فائقة، بالاستعدادات والإمكانات والمرونة التي تستطيع بها توفير خيارات واسعة لمواجهة أي تحديات.
هذا المنجز النوعي بتوفير اللقاح، الذي أثبت أمانة وفاعليته ضد الفيروس، يضاف إلى منجزات حققها الوطن تعد استثنائية في استراتيجيته التي أثبتت نجاحها لمواجهة الجائحة، من خلال أساليب العمل والخطة العامة للجنة العليا لإدارة الكوارث والأزمات ومركز التحكم والسيطرة لمكافحة فيروس كورونا، ووزارة الصحة، إذ اعتمدت هذه الاستراتيجية في أكثر من أسلوب أهمها أسلوب الوقاية، بالإجراءات الاحترازية، وعمليات رصد الفيروس والمراقبة والحجر والعزل، وبخطوات استباقية مؤثرة من خلال الفحص المخبري الذي رفعت سعته الاستيعابية ليصل حالياً إلى أكثر من 53 ألف فحص يومياً.
الاستراتيجية الاستباقية التي واكبت كل المستجدات، كان تعاضد المجتمع وتكاتفه ووعيه نقطة أساسية فيها لإنجاح جميع الأعمال والجهود، ومع بدء حملة التطعيم باللقاح انطلاقاً من العاصمة الرياض، تزداد أهمية هذا التعاضد والتكاتف، والمسؤولية المنوطة التي تقع على عاتق كل فرد من أفراد هذا المجتمع، إذ يمثل الوعي بأهمية اللقاح مرتكزاً أساسياً لعملية تجاوزنا هذا التحدي جميعاً، كما يجب أن يصاحب ذلك وعي ومسؤولية تامة اتجاه عدم التساهل بالإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية التي هي صمام الأمان والضمان الأهم للتغلب على الفيروس، والالتزام بالإرشادات والنصائح حتى من جانب الذين سيحصلون على التطعيم.
وطننا الكبير (المملكة العربية السعودية) يرسخ اليوم نجاح جهوده الاستثنائية وتميزها، بما أعده من خطط عامة مؤطرة بالزمان والمكان لضمان وصول اللقاح للجميع، وبأساليب مدروسة ومنظمة، سواء بتقسيم التطعيم إلى مراحل تبدأ بالمواطنين والمقيمين ممن هم فوق 65 عاماً وكذلك أصحاب المهن الأكثر عرضة للعدوى بأمراض مزمنة، وكذلك من تجاوزوا 50 عاماً، ومن ثم جميع المواطنين والمقيمين الراغبين في أخذ اللقاح، وهو أمر ليس إلزامياً، أو من خلال افتتاح مراكز للتطعيم وإعطاء اللقاحات في جميع مدن المملكة في خلال شهر يناير المقبل، ما يدعو كل أفراد المجتمع أن يلتزموا بمسؤولياتهم الجماعية بكل الإجراءات والتدابير دعماً ومساندة لهذه الجهود، والحرص على الحفاظ على صحة وسلامة أنفسهم وعوائلهم ومحيطهم المجتمعي، ونشر الأفكار الإيجابية قدر الإمكان، ولنشكل سويّة الحلقة المهمة في تجاوز هذه المرحلة أيضاً.
وتلقّي سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يوم الجمعة الماضية، جرعة من لقاح فيروس كورونا المستجد «كوفيد - 19» بثَّ الأمل والعزيمة في نفوس كل من يتنفس على أرض هذا الوطن، كما جاء تأكيداً على أن القيادة الرشيدة والشعب يعملون بروح واحدة تساعد وتحفِّز الجميع على البذل والعطاء لتقديم أفضل ما لديهم.
استهلال حملة التطعيم في وطننا هي مرحلة الاطمئنان في رحلة تغلبنا على هذا التحدي، والرجوع إلى دورة ممارستنا الحياة الطبيعية الكاملة، والانتصار على كل الأضرار السلبية للجائحة على المستويات الصحية والاقتصادية والاجتماعية، وهو أمر، نعاود التأكيد، على أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتحقق إلا أن يكون الجميع مسؤولاً عن الجميع.