عبدالعزيز بن سعود المتعب
أُعجب ممن يحاول في أطروحاته هنا وهناك تكريس فكرة اختزال (فن الشعر) في -جيل أو مرحلة- دون أن يستند إلى ما يوثّق رأيه من منظور نقدي بكل حياد موضوعي. ولو رجع إلى تاريخ الشعر الجاهلي وفسّر قول صاحب إحدى المعلّقات الشاعر عنترة بن شداد:
هَلْ غادَر الشعراءُ من مُتَرَدَّمِ
أمْ هل عَرَفْتَ الدّارَ بَعْدَ توَهُّمِ
المتردم: الموضع الذي يسترقع ويستصلح لما اعتراه من الوهن والوهي، والمتردم أيضًا مثل الترنم، وهو ترجيع الصوت مع تحزين.
يقول: هل تركت الشعراء موضعاََ مسترقعًا إلا وقد رقعوه وأصلحوا وهذا استفهام يتضمن معنى الإنكار، أي لم يترك الشعراء شيئًا يصاغ فيه شعر إلا وقد صاغه فيه، وتحرير المعنى: لم يترك الأول للآخر شيئًا، أي سبقني من الشعراء قوم لم يتركوا لي مسترقعًا أرقعه ومستصلحًا أصلحه. وإن حملته على الوجه الثاني كان المعنى: إنهم لم يتركوا شيئا إلا أرجعوا نغماتهم بإنشاء الشعر وإنشاده في وصفه ورصفه «كما ورد في المكتبة الشاملة الحديثة» ومع هذا توالت عصور الشعر المتميز! في صدر الإسلام، والأموي، والعباسي، إلى عصرنا الحاضر، وأنجبت عمالقة الشعراء مثل جرير والفرزدق والأخطل والبحتري والمتنبي وأحمد شوقي ونزار قباني وغيرهم. والأمر ينسحب على الشعر الشعبي الذي لم يتوقف مبدعوه عند عصر أبوزيد الهلالي منذ مئات السنين وامتد إلى عصر رميزان بن غشام وراشد الخلاوي وبديوي الوقداني وحميدان الشويعر وعبدالمحسن الهزاني وابن لعبون وابن ربيعه وابن سبيل حتى عصر الأمير خالد الفيصل والأمير بدر بن عبدالمحسن وخلف بن هذال ومساعد الرشيدي -رحمه الله- وناصر القحطاني ونايف صقر وغيرهم.
وقفة: من قصائدي القديمة..
اصبر على الشدّات ذَا طبع الأيام
دايم تقلّب بين مرٍ وحالي
اللي مضى أو مقبل الوقت قدَّام
كلّه امقدّر من عزيز الجلالي
افصل مابين أقسى الحقايق والأحلام
خَلْ كل منها له بعمرك مجالي
الى بذلت الجهد ما عاد تنلام
اخلق سبب من بعدها لاتبالي
لابسمةٍ بتدوم ولا شقاء دام
مايجزع من الوقت واف الخصالي
شيءٍ تعلمناه من دين الإسلام
والصبر ميزه في عزوم الرجالي