د. منصور بن سالم الحميميدي
طلب -المغفور له بإذن الله- الملك عبد العزيز من الجيولوجي الأمريكي ك. س. توثيشل عام 1931م البحث عن الزيت والمعادن في المملكة، حيث قام بعمليات الاستكشاف الجيولوجية ونتج عنها تأكيده وجود الزيت في المنطقة الشرقية والذهب في المنطقة الغربية.
وبناءً على نتائجه تم إنشاء مكتب للمناجم والأشغال العامة في عام 1933م تحت مظلة وزارة المالية للإشراف على أعمال التعدين في المملكة، وبعد عامين تم توقيع اتفاقية بين الحكومة وشركات أمريكية وبريطانية والتي نتج عنها نقابة التعدين العربية السعودية وذلك لتشغيل المناجم القديمة في مهد الذهب عام 1935م.
وفي عام 1987م أعيدت هيكلة المديرية العامة للثروة المعدنية، بعدها صدرت موافقة مجلس الوزراء على تعديل مسمى المديرية العامة للثروة المعدنية إلى (وكالة الوزارة للثروة المعدنية) في العام 1994م.
حيث كانت من مهام الوكالة إجراء عمليات المسح الجيولوجي والاستكشاف المعدني والذي نتج عنه إنشاء قواعد معلومات جيولوجية عن الثروات المعدنية في المملكة، إلى أن تم إنشاء هيئة المساحة الجيولوجية السعودية عام 1999م والتي أصبحت تقوم بكافة أعمال المسح والتنقيب التي كانت تقوم بها الوكالة إلى جانب الأعمال المختصة في شتى مجالات علوم الأرض.
وبعد موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- على مشروع رؤية المملكة العربية السعودية 2030 الصادر في شأنه قرار مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية رقم (3-31/37/ق) وتاريخ (1437/7/12هـ) وما تضمنه خطاب صاحب السمو الملكي ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية رقم (2719) وتاريخ (1437/7/18هـ) آنذاك، انطلقت رؤية مملكتنا الغالية يوم الاثنين الثامن عشر من شهر رجب من العام 1437هـ الموافق 25 أبريل 2016م، وبتاريخ (1440/12/29هـ) صدر الأمر الملكي الكريم (أ/472) بإنشاء وزارة الصناعة والثروة المعدنية ونقل إليها جميع الاختصاصات والمهمات والمسؤوليات المتعلقة بقطاعي الصناعة والثروة المعدنية، حيث نقلت وكالة الوزارة للثروة المعدنية إليها من وزارة الطاقة، ولأهمية التعدين في الرؤية من خلال الاستغلال الأمثل للثروات المعدنية من استكشاف واستخراج الخامات وتصنيعها وتطويرها وتصديرها، تم تصنيف قطاع التعدين على انه القطاع الواعد والركيزة الاستثمارية الثالثة من خلال زيادة الناتج المحلي وتنويع مصادر الدخل للدولة، وعليه أعلنت هيئة المساحة الجيولوجية السعودية البدء في المرحلة الأولى من مشروعات مبادرة (برنامج المسح الجيولوجي الإقليمي) في المملكة، على مساحة 600 ألف كيلو متر مربع، تغطي مساحة المنطقة الجيولوجية المعروفة باسم الدرع العربي غرب المملكة.
حيث تتمثل أعمال هذا البرنامج في عمل المسوحات الجيوفيزيائية الجوية، والمسوحات الجيوكيميائية، وإنتاج الخرائط الجيولوجية المفصلة لمنطقة الدرع العربي، وعليه تم ترسية أربعة عقود لمشروعات البرنامج العام للمسح الجيولوجي مع عدد من الهيئات والشركات العالمية الرائدة في هذا المجال في شهر أكتوبر الماضي تحت رعاية وزير الصناعة والثروة المعدنية، رئيس مجلس إدارة هيئة المساحة الجيولوجية الأستاذ بندر بن إبراهيم الخريف والتي من شأنها - بإذن الله - التسريع في استكشاف المناطق التعدينية الواعدة، كما قامت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بإنشاء المركز الوطني لتقنية التعدين، حيث يقوم بتطوير التقنيات وعمل الأبحاث الأكاديمية في مجالات عديدة منها الاستكشاف واستخلاص المعادن، كما قام المركز بتطوير استراتيجية وطنية في البحث والتطوير للتعدين، وذلك لتعزيز المحتوى المحلي لقطاع الثروة المعدنية وفتح باب التعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة والشركات في هذا القطاع.
ويكفي أن نعلم أن الجهود التعدينية والاستكشافية السابقة قد حددت 3576 موقعًا للمعادن الثمينة، إذ تم تحديد 980 موقعًا للذهب، و610 مواقع للفضة، و856 للنحاس، و477 موقعًا للزنك، و284 موقعًا للرصاص، و76 للنيكل، و117 موقعًا للكروم، و176 موقعًا للعناصر النادرة الأخرى.
** **
- باحث جيولوجي