يوسف بن محمد العتيق
«الدرعمة» مصطلح شعبي أو عامي لا يحتاج شرحه إلى إطالة في الشرح، وربما لو حاولت شرحه لصعبت الوصول إلى معناه الصحيح، ولعل أقرب تفسير أو شرح لهذا المصطلح هو من (يدرعم) فعلى سبيل يدخل بيتاً بالغلط، وهو يقصد بيتاً آخر، وفي البيت الذي دخله بالغلط يتصدر المجلس بالحديث أو في مكان الجلوس، أو من يدخل مع الآخرين في نقاش سياسي وهم يتحدثون في موضوع ثقافي أو رياضي.
ومن جانب آخر: الدرعمي أو الدارعمي هو وصف مصري لخريج دار العلوم المؤسسة التعليمية العريقة في مصر.
ولعلي هنا أستأذن القراء الكرام في قراءة مختصرة و»مدرعمة» في كتاب نخصص من زاوية (قد) تكون خارج ما أراده المؤلف الكريم.
الكتاب الذي بين يدي هو كتاب «الإدارة المحلية والقطاع البلدي.. التحديات والفرض الضائعة.. الرياض أنموذجاً».
من تأليف سمو الأمير الدكتور الراقي عبدالعزيز بن محمد بن عياف، حيث تحدث في الكتاب عن أمانة الرياض في السنوات (1418 - 1433هـ) الموافقة لـ (1997 - 2012م).
وقد حرص ابن عياف أن يسير في كتابه على درب الكتابة الأكاديمية، كما ذكر ذلك في الفصل الأول من كتابه.
وهنا دعوني أبحث بعض الموضوعات مع أستاذنا المؤلّف من زاوية (مدرعمة) لكني أراها مهمة.
في البداية لعلي أسأل المؤلف سؤالاً يشغل تفكيري والكثيرين غيري من المهتمين بالتاريخ المحلي بلادنا الغالية:
لماذا قدَّم المؤلف كتابه بهذه الطريقة التي ليست سرداً بحتاً من جهة إدارية، وليست سيرة ذاتية، وليست ذكريات أو مذكرات ،كما يعرفها دارسو السيرة الذاتية؟
كلنا يعرف أن هذه المشروعات والأفكار التي حدثت في مدينة الرياض في السنوات المذكورة في غلاف ومقدمة الكتاب هي سنوات عمل ابن عياف في أمانة الرياض، وهو الرجل التنفيذي الأول في الأمانة، لكنه يذكر هذه المشروعات وينسب العمل إلى الجماعة وليس لنفسه، وربما أراد أن يؤكد أنه أحد فريق العمل وليس المتفرد بالعمل، وهو بدون شك لا يتهرَّب من المسؤولية، بل هو يتواضع في نسبة المنجز إلى الفريق وليس الفرد.
عموماً سأواصل (الدرعمة) وأقول إن الكتاب مميز لمن أراد يتعرَّف على ما تم في أروقة صنع القرار أثناء عمل ابن عياف في أمانة الرياض وبمتابعة يومية وتوجيه دائم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان (أمير الرياض آنذاك) وحضور لوزراء الشؤون البلدية الذي عاصرهم ابن عياف في فترة عمله.
وربما يمر القارئ في هذا الكتاب على معلومات أو أخبار لم تنشر تلك الفترة وكانت بين ملفات المعاملات ولست هنا بصدد الحديث عن الكتاب، فهو في الإدارة ونحن هنا في صفحة تراث وتاريخ.
ولأجل هذا يأتي السؤال الذي أتمنى من أمين الرياض الأمين أن يجيب عليه:
لماذا لم تكتب هذا الكتاب على شكل سيرة ذاتية وبشكل مباشر؟
أعتقد أن الجيل الجديد من الشباب الذين أخذوا مواقع قيادية في خدمة الدين والوطن هم بأمس الحاجة إلى كتب مباشرة لمسؤول يتحدث عن تجربته بكل شفافية ،لينهلوا من هذه التجربة ويستفيدا منها.
سبق وأن كتبت في هذه الصفحة عدة مرات أن الشباب السعودي بأمس الحاجة إلى أن يطلع على تجارب محلية رائدة في الإدارة والسياسة والثقافة والرياضة والاقتصاد، حتى لتكون السير الذاتية المحلية هي المهمة له والمحفزة في عمله.
طبعاً بدون شك مع الاحترام والتقدير للكثير من التجارب العربية والدولية في مجال السير الذاتية، لكن أهل مكة أدرى بشعابها.