عطية محمد عطية عقيلان
بدأت الألعاب الرياضية كافة كهواية للاستمتاع بها، وجذب أصحاب المهارات والميول لها، وتطورت بإنشاء الأندية والاتحادات الرياضية المختلفة، وتحولت إلى عصر الاحتراف في المسابقات وعقود اللاعبين والمدربين ومختلف العاملين بها، وأصبح اللاعب في كثير من الأحيان يغلب مصلحته الشخصية المادية في قراراته وانتقالاته وتعاقداته مع النادي الأفضل من ناحية المكانة والعائد المادي، وهذا حق لكل شخص بعيدًا عن العاطفة والميول، وكما يقال ويكرر دائمًا هذا عصر الاحتراف الرياضي، وهذه القوانين التي تحكمها العقود والشروط التعاقدية، ومن حق اللاعب الانتقال في الفترة الحرة بعد انتهاء عقده للنادي الذي يرغب فيه. فأصبحنا نشاهد لاعبين في مختلف دوريات العالم يتنقلون بين الأندية المتنافسة بحثًا عن فرص ومصالح أفضل. وهذا من حقه تأكيدًا لمبدأ الاحتراف المطبق، لكن أهم عنصر - وهم المشجعون في هذه الرياضات - والوقود الحقيقي لاستمرارها وتطورها، وتنامي دخلها الاقتصادي، بقوا غائبين عن وجود قانون احتراف لهم، ولم توضع أنظمة ومعايير تسمح لهم بالتشجيع والتنقل بين الأندية حسب كل بطولة أو كأس أو موسم، فنرى هذا المشجع يتعلق بالنادي طيلة حياته، ولا يتركه، ويتمسك به في كل حالاته، وتؤثر النتائج على نفسيته، ويجادل في سبيل نصرة ناديه ظالمًا أو مظلومًا، ويسوق المبررات والأعذار، ويتابع نجوم ناديه، ويفرح بالتقاط الصور معهم، وتبادُل أخبارهم، وينسى أنه أسرع من يضحَّى به من لاعبي ناديه لاقتناص أقرب فرصة تعود بالفائدة عليه دون أن يرف لهم جفن من مشاعر آلاف الجماهير التي آزرته؛ لأنهم في عصر الاحتراف، والكل يبحث عن مصالحه إلا صاحبنا «المشجع الهاوي» الذي لم تطُلْه قوانين الاحتراف والفترة الحرة ونهاية العقد.. فما زالت تتغلب عليه عواطفه، وتتحكم به ميوله ورغباته في ناديه دون قدرة على تجاوزه والبحث عن النادي المتوَّج في كل عام، ومبدؤه قائم على «شجع ناديك فائزًا أو مهزومًا».
لذا عزيزي المشجع الهاوي تحمَّل الصدمات والهزائم وتنقُّل اللاعبين الذين تهتف لهم وتدافع عنهم وتتابعهم؛ لأن اللاعب محترف وأنت هاوٍ، وهو يستفيد من احترافه مالاً، وحياة كريمة، وعلاقات، والعيش برفاهية.. أما أنت فمجرد مشجع هاوٍ، لا بد أن تتحمل «ما يجيك» من خسائر مالية ونفسية وصحية.. فأنت لم تصبح من قائمة المحترفين، ولم يُنظر إليك، بل لم يُحرص على وضع لوائح احتراف وقوانين لك.. فالدور المطلوب منك أن تؤازر فريقك، وتقف معه في كل ظروفه، ولا تلوم نجمك ولاعبك المفضل باقتناص الفرصة الأفضل والأثمن حتى ولو كانت مع الفريق المنافس.. فعليك تقبُّل كل ذلك بكل صدر رحب، وأن تبقى مشجعًا أصيلاً حاضرًا ومناصرًا في كل الظروف..
ولكنّ عزاءنا الوحيد نحن المشجعين الهاوين دون قدرة على التغيير هو إيماننا بالولاء والانتماء والوفاء والحب والعشق مهما كان مركز نادينا أو وضعه؛ لذا لا نستغرب الجماهير التي تشجع فرقًا لم يسبق لها الفوز ببطولة، ولا تبدلهم كثرة الخسائر وغياب البطولات؛ فولاؤهم غير قابل للتغيير.
فنصيحة لي ولكل مشجع هاوٍ: علينا أن نتذكر أن في كل بطولة، سواء محلية أو عالمية، هناك بطل واحد فقط، نتمنى أن يكون نادينا، ولكن هناك مئات الألوف من المشجعين الذين يعيشون خيبات فريقهم، ويزعلون، ولكنهم بعد هدوئهم يسألون ويبحثون عن موعد مباراته القادمة لمؤازرته وتشجيعه حتى ولو كانت الحواجب مقطبة، والضغط مرتفعًا.