محمد سليمان العنقري
مع صدور نظام الاستثمار التعديني دخل القطاع مرحلة استثمارية جديدة؛ إذ وصف ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - الثروة التعدينية بأنها «نفط آخر غير مستغل»؛ فالتعدين يعد من القطاعات الرئيسية التي تستهدف رؤية 2030م تنميتها نظرًا لوجود فرص ضخمة بهذا القطاع نتيجة تعدد المعادن التي تمتلكها المملكة كثروة طبيعية ذات جدوى اقتصادية. وتعد المعادن إحدى أهم السلع التي يتم الطلب عليها عالميًّا نظرًا لكونها من أهم مدخلات الإنتاج الصناعية، وتقوم على أكتافها جل الصناعات التي تعد محركًا لاقتصادات العالم، كصناعة الطائرات والمركبات بمختلف أنواعها، وكذلك كونها من أهم المواد التي تستخدم بقطاع الإنشاءات.
فالتعدين في المملكة بات له استراتيجية واضحة، ومستهدفات ذات أثر كبير بالاقتصاد الوطني عند دوران عجلة الصناعات التعدينية في مختلف مناطق المملكة.. فهذه الثروة الضخمة يقدر حجمها بنحو 3.1 تريليون دولار، أي قرابة 5 تريليونات ريال، يشكل الذهب منها نحو 18 في المئة بما يعادل 240 مليار دولار، أي 900 مليار ريال. ويوجد - إضافة إليه - معادن عديدة، كالنحاس والبوكسايت الذي ينتج منه الألمنيوم، إضافة للفوسفات والذهب والفضة واليورانيوم الذي تبلغ ثروة المملكة منه 6 في المئة من المخزون العالمي. فالتعدين قطاع يأتي بالمرتبة الثالثة بعد قطاعَي النفط والغاز والبتروكيماويات؛ ولذلك صنف بالركيزة الثالثة بالاقتصاد الوطني. وقد أُنشئت مدينتان لخدمة قطاع التعدين، الأولى رأس الخير التي تم ضخ استثمارات فيها من بنى تحتية وأيضًا مصانع بنحو 130 مليار ريال، وكذلك مدينة وعد الشمال التي سيصل حجم الاستثمار فيها إلى 85 مليار ريال. وقد تم إنشاء شبكة سكك حديدية لنقل المواد الخام للمصانع من الشمال للشرق.
فعدد الوظائف التي تم توليدها بهذه المشاريع بعشرات الألوف إلا أن ذلك لا يمثل إلا بداية الطريق نحو أهداف أوسع في حجم الاستثمارات المستهدفة لهذا القطاع الواعد؛ إذ ينتظر أن يصل حجم القطاع بالناتج المحلي لنحو 180 مليار ريال بعد عشرة أعوام؛ ليضيف أكثر من 200 ألف وظيفة، وينعكس إيجابًا على موارد الخزانة العامة بأكثر من عشرة مليارات ريال سنويًّا، لكن أثره بالناتج المحلي وانعكاسه على المناطق التي سيتم استثمار الثروات المعدنية فيها سيكون واسعًا. ولعل التنمية المستدامة التي سيوفرها الاستثمار بهذا القطاع ستكون ذات أثر كبير بالمدن القريبة من مناطق التعدين؛ إذ سيكون من المستهدفات تنمية الطلب المحلي بتلك المدن لخدمة مواقع التعدين القريبة، وتوظيف أبناء تلك المدن التي يعد بعضها صغيرًا، وتصنف بالأقل نموًّا، وسيكون للاستثمار التعديني دور بارز في زيادة مساهمتها بالناتج الإجمالي، وتوفير فرص العمل لأبنائها، وتنمية المجتمع المحلي لكل مدينة قريبة من مواقع التعدين الذي بُني نظامه وفق أفضل المعايير ليكون جاذبًا للاستثمار وتنافسيًّا؛ إذ يعد المقابل المالي للرخص من الأقل عالميًّا، وتم إنشاء صندوق لدعم القطاع في التمويل والاستكشاف والعديد من الركائز التي وضعت بعين الاعتبار لتقديم البيانات المطلوبة للمستثمرين مع استمرار الاستكشاف، وتم تأسس شركتين لخدمات التعدين، وأخرى للخدمات الجيولوجية والاستكشاف. كما تم تصنيف المعادن لفئات، ووضع المقابل المالي المناسب بما يتماشى مع جدواها الاقتصادية وتأثيرها على المستهلك، وخصوصًا فيما يدخل بمواد البناء بما يرفع من حجم الإنتاج مستقبلاً، مع زيادة الطلب المحلي؛ إذ يمكن أن تنخفض الواردات من المعادن للمملكة بنحو 37 مليار ريال مع زيادة الإنتاج محليًّا، وضبط السوق، وتشديد الرقابة لمنع الاستغلال غير المرخص للتعدين.
قطاع التعدين واعد، وفيه فرص كبيرة للمستثمرين، ويُتوقع مع ضخ الاستثمارات الحكومية للاستكشاف وتهيئة البنية التحتية وتنظيم السوق لخدمة القطاع أن يكون من بين أكبر القطاعات بالاقتصاد الوطني جذبًا للاستثمارات بعد أن تم تحديد التحديات التي كانت تواجه تنمية القطاع، ووضع النظام والتشريعات واللوائح التي تتغلب عليها لتحويل التحديات لفرص كبيرة، يمكن للباحثين والمهتمين بفرص الاستثمار بالقطاع أن يجدوا تفاصيلها لدى وزارة الصناعة والثروة المعدنية.