مها محمد الشريف
لا يمكن أن تكون الفكرة أو الكشف عنها مناورات إيرانية سياسية تستفز بها أمريكا فحسب، بل تريد إيران نقل المعركة إلى أرض العراق، فقد تمكن هذا التنظيم من التغلغل إلى داخل أروقة العراق، والهجوم الذي وقع في يوم 20 ديسمبر، بثمانية صواريخ سقطت في المنطقة الخضراء المحصنة في العاصمة بغداد، دليل قاطع للانتهاكات الإيرانية لسيادة العراق وتبعه هجوم آخر استهدف السفارة، بنحو 21 صاروخًا، وعلى إثر هذا الهجوم اجتمع الجيش العراقي والسفارة الأمريكية، وبعد الاجتماع، نشر ترمب صورة صواريخ، على تويتر، قائلاً: «إن الصواريخ التي استخدمت في هجوم الأحد جاءت من إيران، و»نحن نسمع أحاديث عن هجمات أخرى على الأمريكيين في العراق». ربما هذا هو التفسير الأكثر منطقية لهذا العبث الذي تمارسه شياطين إيران بحق العراق.
فهل وصلنا لمرحلة قطع أذرع إيران بالمنطقة وتحجيمها وزيادة أوجاعها، وهل ستسقط جدران إيران مرة أخرى مثلما سقطت في 2004 جراء الزلزال الشديد الذي ضربها، هذا بالضبط ما سنحاول معرفة علاقته بالمرحلة الرئاسية الجديدة بأمريكا مع مرور الوقت؟، والظاهر أنه لن يغير من قرار الرئيس الذي اتخذه بمواجهة ملالي طهران، وخاصة بعد أن ألقي المسؤولون الأمريكيون باللوم على الفصائل المدعومة من إيران في الهجمات الصاروخية المتكررة على المنشآت الأمريكية في العراق، بما في ذلك الساحات المحيطة بالسفارة في بغداد.
يواكب خط التطور هذا. تسارع الأحداث وإصرار الطرفين الأمريكي والإيراني على المواجهة ومزيد من التحديات، وسيزداد تعقيد العلاقات الأمريكية الإيرانية مع خطوات ترمب المقبلة خصوصاً بعد مقتل قاسم سليماني عراب المشروع الإيراني التخريبي الخارجي ورئيس الظل في إيران، فقد أعلنت في أكتوبر أنها علقت الهجمات الصاروخية على القوات الأمريكية، شرط أن تقدم الحكومة العراقية جدولاً زمنياً لانسحاب القوات الأمريكية.
لكن الضربة الصاروخية على السفارة الأمريكية في 18 نوفمبر كانت علامة واضحة على أن الفصائل المدعومة من إيران، قررت استئناف الهجمات على القواعد الأمريكية، وفي ضوء هذا التوتر واشنطن بدأت تقلص ببطء قواتها البالغ عددها خمسة آلاف جندي في العراق، هددت سابقاً بإغلاق سفارتها ما لم تكبح الحكومة العراقية الفصائل المتحالفة مع إيران.
ولكن ماذا تتوقع من نظام معزول على الصعيد الدولي، وغير مستقر، جعل من منطقة الشرق الأوسط منطقة عواصف، والحكومة العراقية باتت في حالة تأهب خلال الأسابيع المتبقية من ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وذلك خوفاً من اندلاع أي مواجهة في اللحظات الأخيرة بين أمريكا وإيران على الأراضي العراقية.
وليس في الأفق ما يدل على أن الأمور ستتوقف عند هذا السجال، وهذه اللوحة العامة كلها قاتمة والرئيس القادم جو بايدن سيتولى ملفاً معقداً وخياراته لا يمكن أن تتخطى تشديد الاتفاق النووي إذا ما تم فعلياً، وسيؤدي ذلك إما لتحجيم إيران أو لرفضها الاتفاق وبذلك ستواجه عقوبات جديدة أو مواجهة عسكرية.