د.معراج أحمد معراج الندوي
إن وظيفة اللغة الأساسية هي التعبير عن الأحاسيس والمشاعر، وتبليغ الآراء والأفكار؛ فاللغة بهذا الاعتبار وسيلة للتفاهم بين البشر، وتمثل أداة لا غنى عنها للتعامل بها في حياتهم. اللغة من أهم الوسائل الرئيسة للتواصل بين البشر على مرّ العصور. تحمل اللغة في طياتها معاني مختلفة؛ فاللغة لا يمكن فصلها عن الإنسان كونها ظاهرة فكرية مرتبطة به دون غيره من الكائنات الحية.
واللغة العربية لها أصالة وعراقة؛ إذ إنها هي الأقدم بين اللغات العالمية، بل إن كل اللغات تم اقتباسها من اللغة العربية الخالدة التي لا يمكن أن تنتهي كغيرها من اللغات القديمة التي اندثرت عبر آلاف السنين، وتم استبدالها بلغات أخرى.
إن هناك تساؤلات كثيرة، تُثار حول اللغات القديمة، أين ذهبت تلك اللغة الفرعونية واللغة القبطية وغيرهما الكثير من اللغات الأخرى التي لا وجود لها اليوم إلا في كتب التراث؟ بينما اللغة العربية نشأت قبل كل تلك اللغات، ولا تزال حية نشيطة متوارثة.
ظهرت على وجه الأرض الكثير من اللغات، ولكن مع مرور الزمن ذهبت كلها أدراج الرياح. أما اللغة العربية فإنها حظيت بما لم تحظَ به لغة أخرى من عوامل القوة والبقاء. وهي اللغة الوحيدة التي كُتب لها البقاء والخلود.
اللغة العربية ثابتة في أصولها وجذورها، متجددة بفضل مزاياها وخصائصها.. ورغم صمودها الشديد عبر العصور والقرون واجهت الكثير من التغيرات التي طرأت عليها، ولكن هذه التغيرات لم تمسها بسوء؛ لأن في اللغة العربية الكثير من اللين والتكيف لمواكبة كل الأحداث والعصور. وظلت اللغة العربية تسير سيرها الطبيعي نحو التقدم والازدهار، وتسهم في بناء الحضارات العالمية.
تمتاز اللغة العربية عن سائر اللغات بمكانة فريدة، ومنزلة سامية؛ فهي لغة القرآن الكريم، ووسيلة أداء الواجبات الدينية للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
بدأت اللغة العربية بكتاب الله مرحلة جديدة في حياتها الخالدة، وكأنما تعاطت من آياته إكسير الحياة، وسر البقاء، واستمدت من كلماته شجاعة المواجهة، وروح الثبات.
اللغة العربية هي لغة ملكت مقومات ريادتها على مدى قرون وقرون، واستوعبت ثقافات وحضارات عريقة على مدى التاريخ، وحملت دومًا كنــوزًا في كل أنــواع المعارف والعلوم والثقافات.
اللغة العربية هي اللغة التي تؤثر ولا تتأثر باللغات؛ فبقيت العربية كما كانت، راسخة القدم مبنى ومعنى، قادرة على مواكبة الحضارة.
اللغة العربية ليست كأي لغة من اللغات الأخرى، بل هي فريدة من نوعها، قد اختارها الله تعالى من بين اللغات جميعًا لتكون وعاء لكتابه الخالد (القرآن الكريم). لم تنتهِ اللغة العربية، ولن تنتهي أبدًا؛ إذ جاء القرآن الكريم حافظًا هذه اللغة العظيمة إلى يوم الدين.