فهد بن جليد
لغة الأرقام تتسيَّد المواقف في ديسمبر غالباً، عندما يعكف التجار على حساب أرباحهم أو خسائرهم المُحتملة نهاية كل سنة مالية، هذا الأمر لا يحدث في حياة الأفراد غالباً إلا عند احتساب الزكاة، حجم المكاسب والخسائر وإجمالي ما حصلت عليه وأنفقته في العام وطريقة الصرف ليست في قاموس الجميع، لن تحتاج لدراسة علمية حتى تكتشف أنَّ الأشخاص -الأقل دخلاً وملاءة مالية- هم الأكثر عشوائية في الإنفاق على مدار العام، تأثراً بالإعلانات التسويقية، ممَّا يدخلهم أكثر في مشاكل وديون -بالإمكان الاستغناء عنها- ولا أعتقد أنَّ عام (كورونا) كان مختلفاً، بل إنَّ ضحايا (إنفاق) الحجر كثيرين.
لنقرأ المشهد بصورة أخرى عندما يحصل -الأقل دخلاً- على مبلغ إضافي، أو يفكر في توفير وادخار مبلغ مُحدَّد، فإنَّ المتوقّع صرفه بسرعة أكبر من -الأكثر دخلاً- بل إنَّ الصرف قد يكون دون تفكير لسد احتياج أو مُتطلب غير مرتبط بالمبلغ الإضافي أصلاً، ولكنَّه سوء التدبير المُلاصق للأقل دخلاً، ما يحصل في الصورتين يؤكِّد الحاجة لُدربة على وضع خطة وميزانية رشيدة للصرف، حتى لا نصرف دون تخطيط أو تريُّث أو هدف، تلبية لاحتياجات غير ضرورية، وربما لمُحاكاة الأصدقاء، وإظهار توفر المال في أيدينا لحاجة اجتماعية أو نفسية فقط، بينما التنوّع والقدرة المالية سِمَة إنسانية طبيعية في كل المجتمعات، جدولة أوجه الإنفاق الشخصي وفق الاحتياج حتى لو تستطع تحقيق بعض الأشياء التي يمتلكها غيرك، أفضل (مئة مرَّة) من الإنفاق العشوائي والمجاملة التي تقود للعجز والإفلاس، بل وفقدان كل شيء دفعة واحدة.
ونحن نقترب من موعد استلام آخر راتب في سنة 2020م بداية الأسبوع المُقبل، لنحذر من الاعتقاد بعدم جدوى أو استحالة الادخار، وندّعي عدم كفاية الراتب أو الدخل السنوي، التوفير والادخار سيبقى خياراً جيداً مهما كان راتبك أو دخلك، فيروس كورونا علَّمنا في هذا العام أمور و قناعات اقتصادية جديدة على المستوى المجتمعي، منها كيفية زيادة الدخل وترشيد النفقات، خصوصاً عندما تعلم أن نسبة ادخار بعض الشعوب الآسيوية تتجاوز الـ 25 بالمائة من دخلها، ستبقى نهاية العام دائماً فرصة لتغيير أسلوب وأوليات التفكير المالي، حتى لو كان عاماً مُختلفاً بفعل الفيروس.
وعلى دروب الخير نلتقي.