حكم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل البالغة من العمر 71 عامًا لما مجموعه 50 عامًا، وعندما تتنحى ميركل في الخريف المقبل بعد 16 عامًا في المنصب، من الآمن افتراض أن ديمقراطيًا مسيحيًا آخر سيخلفها. فمن سيكون؟
في غضون الأسابيع القليلة المقبلة، سيعقد حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي مؤتمره الثالث والثلاثين، ويختار زعيمًا جديدًا. أياً كان هذا الشخص، من المرجح أن يتم تعيينه كمرشح حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي لمنصب المستشارية عندما تتنحى ميركل.
الرجال الثلاثة الذين يتنافسون على المنصب الأعلى بالحزب ليسوا أسماء مألوفة في الخارج.
الأول (حسب الترتيب الأبجدي) هو أرمين لاشيت، رئيس ولاية شمال الراين (ويستفاليا) والعمود الحزبي منذ فترة طويلة الذي لا تتناسب شخصيته الكاريزماتية مع كفاءته.
الثاني هو فريدريش ميرز، الذي قاد التجمع الانتخابي لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في البوندستاغ قبل عقدين من الزمن، إلى أن طردته ميركل بينما كانت تعد مسيرتها الخاصة للوصول إلى القمة. وبعد تحوله إلى القطاع الخاص وجني الكثير من المال، سنراه يناضل من أجل العودة مرة أخرى للحزب.
المرشح الثالث هو نوربرت روتجن، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البوندستاغ (البرلمان الألماني) الذي خدم لفترة وجيزة وزيراً للبيئة.
لاشيت هو الشخصية المفضلة غير المعلنة لميركل ولكن بسبب جائحة كوفيد-19، لا نعرف حتى الآن متى وكيف سيختار الحزب الديموقراطي المسيحي قائده القادم؟ وسواء اجتمع الحزب حضوريا أو افتراضيًا، فإنه سيقرر هذا الشهر موعدًا لمؤتمره المقرر عقده في منتصف يناير.
حصل ميرز على 27 بالمائة من التأييد في استطلاع حديث، لكنه كان يتجه نحو الانخفاض. بينما حصل روتجن على 16 في المائة ويتمتع بارتفاع طفيف ثم جاء بعدهما لاشيت.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ما الذي يمثله كل من المرشحين الثلاثة؟!
طوال النصف الأول من القرن العشرين بدءاً من القيصر فيلهلم الثاني إلى الفوهرر كانت ألمانيا الدولة «الأكثر إثارة للاهتمام» في العالم. داخلياً كانت بركان سياسي وتهديد مميت لجيرانها. اليوم، نتيجة لحربين عالميتين كارثيتين، أصبحت ألمانيا تشبه حيوان الكسلان، حيث تتأرجح سياساتها بين الاستقرار والرزانة.
المنافسات التي ستجري في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي ليست مثل لعبة «الأفعوانية» في الانتخابات التمهيدية الرئاسية للحزب الديمقراطي التي جرت في الولايات المتحدة هذا العام، حيث دفع السيناتور بيرني ساندرز من فيرمونت وإليزابيث وارين من ماساتشوستس إلى الاتجاه اليساري الصعب. كما أنه لا يوجد في ألمانيا أيضًا دونالد ترامب على الساحة،حيث إن سياسة الدولة هي «الاستمرارية».
وهكذا، يقدم لاشيت تجربته كوزير ورئيس لأكثر الولايات الألمانية اكتظاظًا بالسكان البالغ عددها 16 ولاية، وهي ميزة يفتقر إليها ميرز وروتجن. رسالته غير المعلنة ترقى إلى «أربع سنوات أخرى من طريقة ميركل في الحكم وتعني لا ترنح مفاجئ في السياسة الداخلية أو الخارجية.
ميرز الذي بدأ حملته ممسكًا بالطرف الأيمن من طاولة الاتحاد الديمقراطي المسيحي يدعو إلى المزيد من التحالف الأطلسي واقتصاديات السوق الحرة، ويريد «عدم الانقسام»، لكنه يعتقد أيضًا أن ألمانيا «تباطأت كثيرًا».
يبدو روتجن، الأصغر بين الثلاثة، وكأنه الأكثر جرأة حيث يروج لأوراق اعتماده كخبير في السياسة الخارجية، ويريد أن يكون أكثر صرامة مع روسيا والصين من الأخريين. لكن في ظل قيادته، لن يكون هناك «استمرارية تامة ولا قطيعة» مع حقبة ميركل. بالتالي، سيظل الاستقرار هو اسم اللعبة الألمانية. لا يوجد طرف يميني مثل مارين لوبان الفرنسية أو ماتيو سالفيني الإيطالي، ولا يوجد أي يساري راديكالي مثل البريطاني جيريمي كوربين، الزعيم السابق لحزب العمال. في حين أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لديهما بشكل أساسي حكومتان من حزبين، فإن ألمانيا، مثل معظم دول أوروبا، تحكم من خلال ائتلافات متعددة الأحزاب لا تتأرجح بشكل جذري ذهابًا وإيابًا مع كل انتخابات.
على أي حال، أيا كان من سيفوز بسباق الاتحاد الديمقراطي المسيحي في (يناير) ويصبح مستشارا في (سبتمبر) 2021، سيتعين عليه أن يحكم جنباً إلى جنب أو حتى في مجموعة ثلاثية، حيث من المفترض أن يؤمن الاتحاد الديمقراطي المسيحي وحزبه الشقيق البافاري، الاتحاد الاجتماعي المسيحي، حوالي 35 في المائة من الأصوات بينما قد يؤمن حزب الخضر حوالي 20 في المائة، مما يجعلهم شريكًا طبيعيًا في الائتلاف الحاكم.
** **
جوزيف جوفي زميل في معهد هوفر بجامعة ستانفورد، وعضو في مجلس تحرير المجلة الأسبوعية الألمانية (دي تسايت) - عن (كوريا هيرالد) الكورية الجنوبية