د. أبو أوس إبراهيم الشمسان
وللأستاذ الدكتور الشهري موسوعتان كبيرتان إحداهما (الفروق النحوية) في مجلدين وهي في الأصل رسالة ماجستير قدمت لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، عالجت الفروق في المصطلحات النحوية، والفروق في حروف المعاني، والفروق في الأسماء، والفروق في الأفعال، والفروق في الجمل، وختمت بنظرة تقويمية. وأما الموسوعة الأخرى فهي (اللزوم في النحو) في مجلدين، وهي في الأصل رسالة دكتوراه قدمت لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، عالجت ما لزم موقعًا إعرابيًّا معينًا، وما لزم حالة لفظية معينة، وألفاظًا لازمت معنى معينًا، وما لزم رتبة معينة، وما لزم الإضافة، واللزوم بين بعض الألفاظ والعوامل لحصول العمل أو للكف عنه أو للعمل في معمولات معينة، واللزوم في المحصور وأثره في المعنى، وختمت ببيان أثر اللزوم.
وأما كتاب (سلطان اللغة) فهو استبطان للغة بما هي سلاح من أخطر أسلحة الإنسان متى أحسن استعمالها، بين الأستاذ الدكتور الشهري في هذا الكتاب الفرق بين اللغة والكلام ووظيفة اللغة وأهميتها
ووقف القارئ على نوعين من النجاح اللغوي وكيف نرتقي بالمستوى اللغوي مبينًا خمس فئات من المحتاجين لهذا الارتقاء، وشرح أربعًا وأربعين قاعدة من قواعد النجاح اللغوي، وهي قواعد من لوازم الأسلوب الناجح الذي يتسم بجملة من السمات شرحها الأستاذ فبلغت سبعًا وثلاثين سمة، وإن يكن الأسلوب له سمات فإن له تسع صبغات. وليس النجاح اللغوي مقصورًا على مستعمل اللغة بل المستمع له نصيب من النجاح فثمة المستمع الناجح أيضًا، وقفنا على خمسة أمور يكون بها ناجحًا وفي المقابل ثمّ ما يخل بالمستمع عدد منها أربعة أمور، وانتهى إلى أن ما يلزم المتكلم لتطوير لغته سبعة أمور هي من القضايا العامة، وللكتاب ملاحق عن تقويم اللغة، ومراعاة أثر الصيغة والظلال في قبول الكلام ورده، وأهمية التدريب في مهارات اللغة.
وبالجملة أعمال أ.د. محمد بن ناصر الشهري موفقة من حيث اختيار المضمون والقضايا المعالجة وهي متنوعة، وافية من حيث ما تقتضيه الأعراف البحثية، وأحسب أن الدارسين سيستفيدون منها بإذن الله، فهي إضافة جيدة إلى المكتبة النحوية والتراثية.
والأستاذ أميل إلى الاتجاه الأول، وهو الاتجاه التراثي، وهو اتجاه محمود ومهم، إذ ما زال تراثنا يستحق منا العودة إليه لاستخراج كنوزه واستلهامه والإضافة إليه.
وليس يلزم أصحاب هذا الاتجاه ـ ومنهم أ.د. محمد الشهري ـ أن يتوسلوا في أبحاثهم بالمناهج اللغوية الغربية أو الغريبة عن العربية، لأن العمل المتصل بالتراث لا يقتضيها، ولا يقدح في منهج دراستهم، أو يسمها بالنقص، أو يقلل من شأنها عدم تناولهم للقضايا اللغوية المعاصرة البعيدة الصلة بالتراث النحوي والصرفي للغة العربية؛ لأن تلك الاتجاهات تتطلب وجود متخصصين فيها، متفرغين لها، وإنما يكفي أ.د. الشهري وأمثاله من الباحثين ما ثقفوه من طرائق الإجراءات البحثية الحديثة التي تتصل بالتراث العربي الأصيل، وتمتد لتشمل ما تناوله المعاصرون من قضايا كثيرة منبثقة من واقع الدراسات النحوية الأصيلة للغة العربية التي أرى أنّه قد وفى بها خير الوفاء. وإنا لنتطلع إلى مزيد من أعمال هذا العالم الجاد.
** **
تنويه
حصل سهوٌ في النسخة الورقية للعدد الفائت بنشر صورة مختلفة للدكتور الشهري، وجرى تلافي ذلك في النسخة الإلكترونية وموقع الثقافية في تويتر؛ فنعتذر منه ومن القراء.