ميسون أبو بكر
تحول الواقع إلى عالم افتراضي، وأدمنّا التواصل عبر الوسائل الإلكترونية، وصار التخاطب والرسائل والحوار إلكترونياً لذلك ذاعت العديد من الجرائم الإلكترونية المختلفة كانتهاك حقوق النشر، وبيع السلع غير المشروعة، والاحتيال، والسب والشتم الذي يصل للقذف أحياناً، وكثير مما يضيق المجال بذكره هنا.
ظن أولئك الذين يتجاوزون الأنظمة ويعيثون في الفضاء فساداً أنهم ناجون من العقاب والحساب، في البداية كان استهتاراً وجهلاً ولما تمادى هؤلاء كان ذلك مع سبق الترصد والإصرار على جرائمهم صغرت أو كبرت، لكن قانون الجرائم الإلكترونية على اختلاف أوجهها كان بالمرصاد، فهناك أقسام مخصصة تلاحق تلك الحسابات وترصد تغريداتهم أو مشاركاتهم وتقتفيهم بطرق محترفة وغاية في الدقة، حيث يمكنها تعقّب المسيء أو المجرم وتحرّي الجهاز الذي قام بجريمته من خلاله، وتفنيد أكاذيبه وإنكاره، وهناك خطوط مباشرة للتواصل مع الجهات الأمنية وتقديم البلاغات، بل ذاعت القضايا الإلكترونية التي تحسم في المحاكم، حيث تصل عقوبتها للسجن والغرامة والتعزير، ولم تقتصر على الأمور المادية، بل تجاوزتها إلى الأمور الأخرى؛ فقد أوضح المحامي والمستشار القانوني فهد محبوب أن مجلس القضاء حسم الخلاف في جهة الاختصاص في قضايا القذف والسب والشتم والتشهير التي تتم في مواقع التواصل الاجتماعي بتأكيده على اختصاص المحاكم الجزائية بالنظر في جرائم السب التي تتم في مواقع التواصل، باعتبارها جرائم إلكترونية.
هدا العالم الإلكتروني ممتد إلى ما نهاية ومحفوف بالتواصل والخطر بنفس الوقت، وهو سلاح ذو حدين، لا يعني أن يملك المرء مفاتيحه وحرية استخدامه أن يسيء للآخرين أو يتعدى على خصوصياتهم أو يمارس القرصنة والاختلاس والتشهير والإساءة، فهناك قوانين وأنظمة ووسائل رادعة أيضاً تنظّم هذا الفضاء وتقتص للمظلوم من المسيء أو المجرم إلكترونياً.
ناهيك عزيزي القارئ أن تلك الأعمال المشبوهة التي تمارس عبر وسائل التواصل يرفضها المجتمع ومنافية للأخلاق فهي أيضاً ضد سياق شريعتنا الإسلامية التي وضعت لنا نهجاً نسير عليه في حياتنا، بل في أدق تفاصيلها، السلام والنوم والتخاطب والدخول إلى المنزل والخروج منه، والمعاملة والسلوك؛ لذلك يجب الالتزام بها أينما كنا وفي أي فضاء كان، ولو لم تكن هنا قوانين وأنظمة وحساب وعقاب لسادت الفوضى كل شيء.