عبدالمجيد بن محمد العُمري
اللغةُ العربيةُ أثرى اللغات قاطبةً، وكتب الله لها القوة والبقاء حين كرَّمها بحفظ كتاب اللهِ الكريم بلسان عربي مبين، الذي أنزلهُ على رسوله الأمين عليه أفضلُ الصلاة وأتم التسليم. وهي لغةٌ تمتلكُ خواص جمالية، لا توجدُ في لغةٍ أُخرى من لغاتِ البشرِ. وقد عمل المستعمرون خلال القرون الماضية على محاولة هدم اللغة العربية ومحوها، وما استطاعوا ذلك؛ لأنها محفوظة بالقرآن الكريم. وحينما عجزوا عمدوا إلى تشويهها عن طريق أبنائها.
وهذه القصيدة مشاركة في احتفالية الجمعية الدولية للغة العربية بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية في العام 2020.
اُكْتُب لَهَا اَلشِّعْرَ فِي شَدْوٍ وَفِي طَرَبِ
وَاجْعَلْ مِدَادَكَ مِنْ مِسْكٍ وَمِنْ ذَهَب
أَعْلِن لَهَا اَلحُب فِي اَلأَصْقَاعِ قَاطِبَةً
لَا تَخْشَ فِي ذَاكَ مِنْ لَوْمٍ وَمِنْ عَتَبِ
مَليْكَةُ اَلحُسنِ لَا نِدٌ يُنَافِسُهَا
فَوْقَ الجَمِيعِ تَعلّتْ هَامةَ السُحبِ
وَالحُسْنُ أَوَّلهُ فِيهَا وَأَكْمَلُهُ
لَهَا الكَمَالُ بِلَا شَكٍّ وَلَا رَيبِ
حَسْنَاءُ تَمْلَأُ أَجْوَاءَ اَلدُّجَى أَلقًا
سُبْحَانَ مَنْ خَصَّهَا بِالحُسْنِ وَالأَدَبِ
شَذَاهَا يَقْطُرُ عِطْرًا أَيْنَمَا حَضَرَتْ
فَذِي أَرُومَتهَا مِنْ خَيْرِ مُنْتَسَب
وَكَمْ مُحِبٍ أَتَى مِثْلِي وَيَعْشَقُهَا
فَهِيَ اَلجَلِيلَةُ فِي شِرْيَانِ كُلِّ أَبِي
دَارَ اَلزَّمَانُ وَمَا زَالَتْ نَضَارَتُهَا
بديعةَ اَلشَّكْلِ لَمْ تَهْرَمْ وَلَمْ تشِبِ
قَالُوا لَمِنْ صغْتَ هَذَا اَلشِّعْرَ تَنْشُرُهُ؟
فَقُلْتُ: لِلُّغَةِ اَلْفُصْحَى بَلَا عَجَبِ
هَلَّا عَرَفْتُم مِن الحَسْنَاء إِخْوَتَنَا؟
هي المليحةُ بَيْنَ اَلْعُجمِ وَالعَرَبِ
من احْتَوَتْهَا يَدُ اَلبَارِئِ فَمَا وَهَنَتْ
لَهَا اَلصَّدَارَةُ فِي سبقٍ وفي قصبِ
الدِّينُ وَالْوَحْيُ وَالْقُرْآنُ شَرَّفَهَا
هَلْ ثَمَّ مِنْ حَسَبٍ أَسْمَى لِذِي حَسَبِ؟
بِحَرْفِهَا أُنْزِلَ اَلْقُرْآنُ مُعْجِزَةً
وَأَنْزَلَ اَللَّهُ فِيهَا أَشْرَفَ اَلْكُتُبِ
فِيهَا المَآثِرُ، فِيهَا المَجْدُ أَجْمَعَهُ
وَاسْتَأْثَرَتْ فِي الْوَرَى بِالاسْمِ وَاللَّقَبِ
قَضَى الْإِلَهُ بِأَنْ تَبَقى مُخَلَّدَةً
وَلَا تَزَالُ بَقَاء الدَّهْرِ لَمْ تَغِبِ
فِيهَا الْبَلَاغَةُ مَا أَحْلَى بَدَائِعَهَا
فِي النَّثْرِ وَالشِّعْرِ أَوْ فِي رَائِعِ الخُطَبِ
جَلِيلَةٌ عَظُمَتْ شَأْناً وَقَدْ كمُلت
أكَرِمْ بِهَا لُغَةً تَسْمُو عَلَى اَلرُّتَبِ
لَقَدْ أَضَاءَتْ كنورِ الشَّمْسِ فِي أُفُقٍ
وَلَيْسَ يُنْكِرُ ضَوْءَ اَلشَّمْسِ غَيْرُ غَبِي
فِي كُلِّ صَقْعٍ تَرَى فِيهَا لَهَا أَثَراً
وَسْطَ الْمَرَابِعِ وَالسَّاحَاتِ وَالرُّحَبِ
هُنَا.. هُنَاكَ.. هُنَا.. فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ
تَلُوحُ ذِكْرَى وَأَطْيَافٌ مِن الْأَدَبِ
ضَلّ الَّذِينَ رَأَوْا فِي غَيْرِهَا قَبَساً
وَبَدَّلُوا الْيُسْرَ وَانْحَازُوا إِلَى الوَصَبِ
لَن نَرْتَضِي بَدَلاً عَنْهَا وَلَسْتُ أَرَى
عَنْهَا التَّحَوُّلَ مِنْ رَأْسٍ إِلَى عَقَبِ
يَا ويحَ قَوْمٍ أَضَاعُوا مِنْهُمُ شَرَفًا
بَنَاهُ أَجْدَادُهُمْ فِي سَالِفِ الحُقَبِ
أنهجر اللُغةَ الفُصْحَى ونتركها؟!
كلا.. فَذِي لُغَة الْإِسْلَامِ وَالعَرَبِ
يَا مَنَ يَرَى اللُّغَةَ الفُصْحَى قَدْ انْدَثَرَتْ
هَوِّنْ عَلَيْكَ فَشَمسُ الحُسْنِ لَمْ تَغِبِ
الْعَالَمِيَّةُ فِي آفَاقِهَا اتَّسَعَتْ
بِغَيْرِهَا أُمَّة اَلْقُرْآنِ لَمْ تُصِبِ
فَلَا يَزَالُ النَّدَى يَجْرِي بِهَا غَدَقًا
وَلَا يَزَالُ الْهُدَى فِي أَهْلِهَا اَلنُجُبِ
وفَاسدُوا الرَّأْيِ لَنْ نَأْبَهْ لَهُمْ أَبَداً
مَنْ صَعَّرُوا الْخَدَّ مِنْ ذُلٍّ لِمُغْتَرِب
لا بَاركَ اللهُ فِي قَوْمٍ إِذَا اتَّخَذُوا
رَأْي الْأَعَادِي مِنْ زَيْفٍ وَمِنْ كَذِبٍ
رَوَابِط الْعُرْوَةِ الْوُثْقَى تَوَحِّدُنَا
فَالدِّينُ وَالضَّادُ حَقًّا أَرْفَعُ اَلنَّسَبِ
مَا ضَرّ لَوْ نَحْنُ وَحَّدْنَا ثَقَافَتنَا
قَبْلَ اَلسِّيَاسَةِ بِالتَّعْلِيمِ وَالكُتُبِ
فَالْمَجْدُ دِينٌ وَتَوْحِيدٌ عَلَى سُنَنٍ
بِالْعِلْمِ وَالْفِكْرِ وَالْإِيمَانِ وَالأَدَبِ
شُكْرًا لِجَامِعِكُمْ.. شُكْرًا لِمَنْ حَضَرُوا
مِنْ عَاشِقٍ وَلهٍ.. أَوْ بَاحِثٍ ذَرِبِ
وَفِي الخِتَامِ صَلَاةُ اللهِ دَائِمَةٌ
لأَكْرَمِ الخَلقِ مِنْ عَجَمٍ وَمِنْ عَرَبِ