أ.د.عثمان بن صالح العامر
الكل بلا استثناء كان وما زال يتابع ما يُقال ويُكتب عن لقاح كورونا الجديد، والذي كثر الحديث عنه والدندنة حوله خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة بشكل فظيع، الأمر الذي سبب إصابة البعض منا بالأزمة النفسية والتخوّف الشديد، وظل الحال كذلك والصراع النفسي جاثماً على الصدور حتى خرج معالي وزير الصحة مبادراً بأخذ اللقاح بعد أن بشّر من قبل بوصول أول دفعة منه المملكة العربية السعودية مرجعاً الفضل في ذلك لله عزَّ وجلَّ ثم لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز -حفظهما الله- اللذان جعلا (الإنسان أولاً).
لم يكتف معالي الوزير (المبادر - الثقة) بأخذه التطعيم، بل خرج بعد ذلك مؤكداً أنه لم يقدم على هذه الخطوة جزافاً أو اعتباطاً، بل إن المختصين من الأطباء والعلماء والباحثين السعوديين المبرزين هم من أكدوا له جودة اللقاح، وهو الآن بعد أخذ الإبرة يتمتع - بفضل الله عزَّ وجلَّ - بصحة جيدة، ولا يوجد أي شيء مما أشيع وقيل حول الآثار الجانبية التي تتبع التطعيم مباشرة.
استحضرت وأنا أرقب تصرّف معالي وزير الصحة فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم - الذي أُمرنا بأن يكون قدوتنا في سلوكنا الحياتي - حين تم صلح الحديبية الذي بموجبه يعود الرسول ومن معه المدينة دون أن يدخلوا مكة هذا العام، الأمر الذي جعل البعض من الصحابة يعتبرُ ما أبرم من شروط نوعاً من الذلة، حيث طلب منهم عليه الصلاة والسلام قبل عودتهم إلى المدينة أن يحلقوا رؤوسهم ويذبحوا الهدي تحللاً من الإحرام فلم يفعلوا، كرَّر أمره هذا ثلاث مرات، وهو الرسول وهم الصحابة فلم يقم أحد منهم لا بالحلق ولا النحر، فدخل على زوجه أم سلمة رضي الله عنه وأخبرها الأمر شاكياً حاله مع صحابته، فقالت رضي الله عنها: (اخرج يا رسول الله ولا تكلم أحداً، حتى تنحر بدنك، وتحلق رأسك أو ادع حالقك فليحلق رأسك)، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحر بيده، ودعا حالقاً فحلق رأسه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق لبعض حتى كادوا يقتتلوا من الغم). يعني من شدة زحام بعضهم البعض مبادرة إلى فعله، لما أيقنوا أن الأمر جد، وأنه عليه الصلاة والسلام عازم على فسخ الإحرام والعودة للمدينة كما هي نصوص الصلح الذي أبرمه مع قريش.
إن محور التربية الأساس وعموده الفقري وأسه الدائم هو (الإنسان القدوة) الذي يجعل أفعاله تسبق أقواله ومن ثم ترسم خارطة الطريق للإنجاز والفعل الصحيح، وهذا ما عرف عن قيادتنا الحكيمة الرشيدة، الفاعلة المبادرة، العازمة الحازمة، وهو الواجب الذي يلقي بظلاله على كل مسؤول وراع سواء أكان وزيراً أو مديراً أو والداً، فالمربى شاباً كان أو فتاة يلتقط الفعل ولا يجدي إزاءه القول وإن كثر أو علا الصوت وكان الصراخ.
شكراً من الأعماق - باسم كل مواطن ومقيم - قيادة بلادي على سرعة تأمين اللقاح وجعله بالمجان، شكراً معالي وزير الصحة النموذج والمثال، والشكر موصول لكل من نذر نفسه في سبيل حماية الوطن والذود عن أهله وقاطنيه وزائريه، وحق لجميع العاملين في القطاع الصحي وقطاع الدواء السعودي أن يفخروا ويسعدوا ويسروا بشكر سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد الأمين لهم وثنائه عليهم وإشادته بجهودهم الاحترافية والرائعة التي واجهوا به -بعد عون الله لهم وتوفيقه- جائحة كورونا المستجد خلال الفترة الماضية، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء، والسلام.