كتب - محرر الوراق:
على مدار الأيام الماضية كان الحديث واسعاً والجدل والنقاشات ساخنة بعد حديث عن تاريخ حديقة الفوطة الحديقة الأشهر في قلب العاصمة الرياض، مع الأستاذ الباحث فهد بن مفيريج لقناة الإخبارية السعودية، وكان من ضمن حديثه أنه لا يصح نسبة اسم حديقة الفوطة لتسمية وردت من مهندس شامي قائم على هذا المشروع، حيث إن اسم الحديقة كان الغوطة نسبة إلى غوطة دمشق، ثم تحول الاسم للتسهيل من الغوطة إلى الفوطة، وهذه رواية مشتهرة، حيث بيَّن المفيريج أن هذه التسمية غير صحيحة، بل التسمية جاءت نسبة إلى أسرة سعودية كريمة، وهي جزء لا يتجزأ من نسيج مجتمعنا الوطني، وهذه الأسرة (أسرة بن فوطة أو الفوطة) سكنت هذا الحي قبل أكثر من سبعين عاماً.
هذا خلاصة ما قاله المفيريج، وبعده حدث جدل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي جاء في غالبه مؤيِّداً لما ذكره المفيريج، مع اختلاف معه في بعض التفاصيل مثل اسم ابن فوطة أو طبيعة عمله.
وكان لنا في وراق الجزيرة حديث مع حفيدة ابن فوطة الأستاذة نوال بنت خالد الفوطة القحطاني مستشارة خدمة مدنية بوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وهي من أسرة ابن فوطة المذكورة، ومهتمة بالتاريخ، وصاحبة اطلاع جيد، وإلمام بهذا الموضوع، فكان لنا معها بعض الوقفات التي نلخصها للقراء الكرام في عدة موضوعات على النحو الآتي:
الفوطة والهياثم نظرة تاريخية
في البداية وضعتنا الأستاذة نوال القحطاني في خلفية تاريخية عن أسرة الفوطة التي تنسب إليها حديقة الفوطة وحيها المعروف في قلب العاصمة الرياض، فقالت:
الهياثم هي مقر آل عاصم من قحطان وقد اختارها المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل -رحمه الله- بعدما استتب الأمن في الدولة على أن تكون مقراً لآل عاصم من قحطان وذلك لمكانة قبيلة قحطان بشكل عام وبالأخص قبيلة آل عاصم وكذلك اختارها لهم لقربها من الرياض عاصمة الحكم آنذاك وذلك عام 1338 هجري.
وأسرة آل فوطة من آل عاصم هي إحدى الأسر العريقة والمعروفة لدى الملوك والحكام وأعيان القبائل والعامة لمكانتهم الاجتماعية في الدولة وقد حظوا بتقدير ملوك الدولة منذ عهد المؤسس وأبنائه الملوك من بعده لمواقفهم وولائهم ودورهم في الدفاع عن الدولة وحكامها وانتقلوا إلى مدينة الرياض في حي المربع، حيث مقر بيوت أبناء المؤسس وزوجاتهم وعوائلهم وذلك بعد زواج صاحب السمو الملكي الأمير مساعد بن عبدالعزيز بالأميرة حصة بنت محمد بن فوطة منذ أكثر من سبعين عام.
روابط صلة مع بيت الحكم السعودي الكريم
وعلى ذكر أسرة الفوطة (تضيف نوال الفوطة وتقول: تربط أسرة آل فوطة روابط نسب مع المؤسس الكبير بعد زواج ابنه صاحب السمو الملكي الأمير مساعد بن عبد العزيز بسمو الأميرة حصة بنت الشيخ محمد بن فوطة وإنجابها ابنها صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن مساعد، وأبناؤه صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سعود بن مساعد وصاحبات السمو الملكي الأميرات مضاوي وديمة.
ابن فوطة مشارك في حروب التوحيد ومهتم بالخيول الأصيلة
وبحسب الباحثة نوال الفوطة، فقد شارك الشيخ محمد بن حمد بن فوطة مع الملك عبدالعزيز في فتوحات وتوحيد المملكة وفتح بعض المدن مثل الأحساء وغيرها، وقد اشتهر الشيخ محمد بن فوطة -رحمه الله- بشجاعته وإقدامه وكرمه وامتلاكه للخيول العربية الأصيلة التي ساقها في الحروب أثناء مشاركته في فتح مناطق المملكة ومنها خيله الأصيلة المعروفة بالصفراء والتي نظّم فيها بعض الشعراء قصائدهم وهناك مقولة يرددها المؤسس -رحمه الله- بعد ما شهد شجاعة وإقدام ابن فوطة في الحروب والغزوات (احذوا حذو ابن فوطة يا مال الحبة).
وهذه المقولة يرددها الكثير من رجال وأعيان وشيوخ القبائل المعروفة لدى أسرة آل فوطة حتى وقتنا الحاضر، وابن فوطة له سبعة أبناء وهم الشيخ عيد وشبيب ومبارك وناصر وبجاد وخالد وفهد وثلاث بنات هن الأميرة حصة وأخواتها نورة ومنيرة.
تسمية حي الفوطة محلية لم تأت من الخارج
وعن الجدل الكبير الذي حدث مؤخراً حول تسمية حي الفوطة وحديقة الفوطة وما صاحب ذلك من الأقوال والآراء وبعضها ربط الموقع بالغوطة الدمشقية سألنا نوال الفوطة كيف تنظرون إلى هذه الأقوال وتعدد الآراء؟
أجابت الأستاذة نوال بقولها: بالنسبة لتسمية الحديقة والحي وغيرها باسم الفوطة فحسب ما تكرر سمعه وتردد قوله من الأعيان والشهود من سنوات ماضية بأن أسرة آل فوطة سكنت هذه المنطقة منذ ما يزيد عن سبعين سنة وكانت أسرة كبيرة وذات صيت وسمعة طيبة، وتم تسمية الحديقة أو الحي قبل أن يكون حديقة باسمهم تقديراً لهم.
وهذا ليس بمستغرب على ملوك وقادة الدولة بتكريم أعيان ورجالات الوطن الذين ساهموا وشاركوا بأموالهم وأرواحهم في الذود عن هذا الكيان الشامخ وذلك بتسمية المناطق أو الأحياء أو الشوارع بأسمائهم مثل حي ابن دايل على أسرة آل دايل وعتيقة على أسرة آل عتيق وابن سويلم وآل ريس وغيرهم الكثير من الأسر الكريمة.
جهود باحثينا مقدرة هدفها حفظ تراث هذا الوطن الغالي
وحينما توجهنا للأستاذة نوال بالسؤال: كيف تنظرين إلى جهود الباحثين الهواة أو الأكاديميين التي انتشرت مؤخراً للحديث عن الأحياء القديمة في بلادنا الغالية وتصويرها والتعريف بها، وهل توجهين لهم رسالة أو ملحوظة أو مناشدة؟
كان ردها سريعاً وحاسماً، حيث قالت: جهود الباحثين والمؤرِّخين والأكاديميين جهود مقدرة وهي واجب وطني ويحملون رسالة تنبع من أمانة وطنية لحفظ وتدوين تاريخ هذا الوطن وتراثه الأصيل وتوثيق جهود أبنائه الذين ذادوا عن حياضه.
نفخر بأننا سعوديون وحكومتنا اهتمت بتاريخنا
وختمت الأستاذة الفوطة حديثها للوراق بكلمات مهمة لأبناء الجيل الجديد، فكان حديثها: عاش أجدادنا وآباؤنا ونحن وأبناؤنا في دولتنا عيشة كريمة لها منا الوفاء والولاء والفداء بأرواحنا وبكل ما نملك، وعاهدنا ملوكنا وقادتنا على السمع والطاعة وبايعناهم في المنشط وفي المكره، وما يراه ولاة الأمر خير للجميع، يكفى أننا أبناء مملكة التوحيد والعز والكرامة ونفخر كوننا سعوديين ودستورنا شرع الله لا يضيع فيه حق.
وقد حرصت القيادة الرشيدة تحت حكم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وسمو ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- على الاهتمام بالتاريخ الثقافي والحضاري والمعالم التراثية والعمرانية للدولة والمحافظة عليها.
حفظ الله هذا الوطن وقادته وشعبه من كل مكروه.