عبده الأسمري
أقام صروح «الاعتزاز» على أرضية «الإنجاز» من «هندسة» الصناعة التي شيد بها مخططات «السيرة» وعدسة «البراعة» التي صور بها مشاهد «المسيرة».. ليقف في طابور «الكبار» الذين صنعوا «الاعتبار التنموي» ويصف في قوائم «التجار» الذين صاغوا الاقتدار الاقتصادي إنه رجل الأعمال ووزير الصناعة والكهرباء السابق المهندس عبدالعزيز الزامل رحمه الله أحد أبرز الوزراء ورجال الدولة وأمهر القياديين في قطاع التنمية والتجارة.
بوجه اعتلاه المشيب وعلاه الطيب مسكون بالطمأنينة مطمئن بالسكينة مع تقاسيم تتشابه مع والده وتقتسم مع أخواله وملامح قصيمية ودوده هادئة تتوارد منها علامات «التهذيب» وسمات «الأدب» مع محيا حافل بالألفة يعتمر الأناقة الوطنية وطلة باهية دائمة الابتسام مستديمة الإلهام وصوت جهوري خليط من اللهجة النجدية البيضاء المتقاطعة مع مفردات خليجية تعكس النشأة الأولى ولغة عصماء تسكنها عبارات الهندسة واعتبارات الصناعة ومعبرات التخطيط تكتظ بنتائج الأرقام ونتاج الصفقات قضى الزامل من عمره عقوداً وهو يقيم أركان التطوير في اتجاهات التجارة ويؤسس أصول التنمية» في أعماق التصنيع ويحيك للصناعة الوطنية رداء فضفاضاً مطرزاً بالابتكار كاتباً اسمه على «لوحة الشرف» بحروف «الإيثار» واحترافية «التأثير» وحرفة «الأثر» ليبقى «أنموذجاً» وزارياً يستحق الاقتداء و«وهجاً» بشرياً ينتظر الاحتذاء.
على ساحل الخليج العربي استيقظت المنامة ليلة ولادته على بشرى عاطرة في بيت التاجر الطيب عبدالله الزامل وسط مسكن يضم كوكبة من الاخوة في أًصل الأمومة والأشقاء في نبل الديمومة فانطلقت صيحات «الفرح» بقدوم بهجة أنعشت محيط «العائلة».. فتفتحت عيناه على نسمات «العفوية» بين إخوته وتشربت نفسه نسائم «الهوية» وسط أقرانه فنشأ في بيئة ملهمة بالأمان من أب كريم ومفعمة بالحنان من والدة حانية متفانية.. ومطعمة بالعرفان لزوجتي أب كريمتين.. فعاش في كنف «الوئام» وتربى في حضن «التلاحم».
كان الزامل ينتظر والده ليقبع في حجره صغيراً مراقباً تدوين حصيلة غلة يوم حافل بالكدح ليسابق المرح كل شهر مع اخوته وهم يرفلون بهدايا الكفاح فكبر وفي قلبه «مناهج» العصامية ووسط عقله «مباهج» «العزيمة».
تعتقت روح الزامل مبكراً بنداءات الفلاح في أناشيد الصيادين في مرافئ البحرين وانعتقت ذاته باكراً من استعلاءات الوفرة في مضامين الميسورين في مجالس السامرين.. فامتلأ وجدانه بالتواضع واعتمر خاطره بحسن الخلق فكان بمثابة «حجر كريم» زين عقد عائلة الزامل الثرية بالإحسان الجلية بالمحاسن.. درس مع زملاء كانوا «فريقاً» من العباقرة القادمين إلى ساحات «الانفراد» حيث زامل الزامل الوزير الشهير غازي القصيبي ووزير الإعلام البحريني طارق المؤيد والمفكر محمد الأنصاري وغيرهم فكانت الدراسة في خليج «التلاحم» مشروعاً قادماً من مضامين «التكوين» لزف عمالقة العطاء الفكري وفطاحلة السخاء المعرفي إلى ميادين «التمكين»..
كان الزامل معجباً بمثابرة أخيه البكر «محمد» متعجباً من مصابرة شقيقه الأقرب «عبدالرحمن» متخذاً من كل فرد من عائلته «لوناً» من الحسنى ليكتب مشهد «اليقين» في منظومة التعامل ونظام التكامل ليكون «حجر» زاوية في هرم عائلة الزامل التي كانت وستظل «واجهة» للخيرات و«ناصية» للإنجازات..
أنهى الزامل دراسته بالبحرين ثم أتجه عام 1959 مع رفيق دربه وشقيقه عبدالرحمن إلى «قاهرة» المعز باحثاً عن «ظاهرة» العز في الطب فلم يجد ضالته مما جعله يفضي إلى أهله حديثاً بنقله إلى بريطانيا وتكفل والده بدراسته على نفقته وقضى أشهرًا يدرس العلوم والأحياء والرياضيات واللغة تمهيداً لدخوله الطب إلا أن وفاة والده في ألمانيا جعله يعود للبحرين للاشتراك مع إخوته في تحديد مصير «تركة» الأسرة
وفي عام 1963 ابتعث إلى أمريكا على نفقة الدولة ونظراً لعشقه نيل الشهادة ولهفته حصد المعرفة عاجلاً ولعلمه حاجة وطنه لتخصص مبتكر وفريد ولى قبلة طموحه شطر «الهندسة» حيث رجحت كفة «موهبته» فاتخذ من جامعة جنوب كاليفورنيا ركناً شديداً تفوق فيه على الأمريكان ونال بكالوريوس الهندسة الصناعية باقتدار واتبعه بالماجستير وأثناء دراسته لحق به اخوته عبدالرحمن وحمد وأحمد الذين سكنوا في شقة واحدة ليشكلوا فريقاً عائلياً متحداً استفاد من بلاد الغربة في كسب الخبرة واكتساب التجربة. عاد الزامل إلى أرض الوطن وفي يمناه لائحة الانتصار وفي يسراه تلويحة الابتكار ليمارس العمل التجاري والمهني والريادي حيث تولى منصب نائب رئيس مجلس إدارة شركة سابك وعضوها المنتدب ثم نادته الثقة الملكية وتعين وزيراً للصناعة والكهرباء من عام 1983 وحتى 1995 وعمل كرئيس مجلس إدارات مصرف الإنماء وشركة سبكيم والشركة السعودية للكهرباء إضافة إلى عشرات العضويات والمهام العملية والتجارية الأخرى.
كان الزامل خلال أعماله وحياته الخاصة حكيم «الرأي» بديع «الرؤية» دقيق «التنفيذ» سديد «الأهداف» في «توليفة عملية» و»ألفة إنسانية» ظل خلالها «أخاً للجميع» و«صديقاً للكل».
توفي الزامل في 6 أكتوبر عام 2019 بعد أن أمضى حياته في خدمة الاقتصاد والصناعة وتفوق في مجال المال والأعمال ونعته المنصات والشركات وأبقى وراءه متوناً من «الشكر» وشؤوناً من «الذكر» وشجوناً من «الفكر».
عبدالعزيز الزامل المهندس الصناعي والمغنم البشري والخبير المالي والوزير الإبداعي الذي أضاف إلى رصيد «الوطنية» رقماً فكرياً يقبل القسمة على «التنافس» وعدداً صحيحاً يضاعف النتيجة في «التخطيط» فكان الشخصية المشكلة التي سكبت «المجد» في قالب «المناصب» وسبكت «الجد» في قلب «المهمات».